أذكر مرة دعوته الى اذاعة " صوت الغد " لحوار في برنامجي " مبارح بكرا " وكان التسجيل يوم جمعة فكان ينظر إلى ساعته يريد إنجاز الحوار قبل أن تتعانق عقارب الساعة فأم أنطوان تنتظره في كفرحاتا على الغذاء .
ريمي إبن التلفزيون وإبن كفرحاتا وحبيب بلدة والدته بسلوقيت جارة إهدن لم تأخذه الأضواء والشهرة وبيروت وسمو الأميرة من بلدتيه الساحلية والجردية ولو مرة في الويك أند . 

صورت معه حلقة تلفزيونية لتلفزيون طرابلس مطلع سنة ١٩٩٣ وضاق بهو منزله بالكاميرات فطلب مني الضيف المخرج أن يسهم في إخراج الحلقة وإنتقلنا معه إلى حديقة قصر الشيخ أنطانيوس الشمر وهو المكان الذي إختاره مرات عدة لتصوير أعماله ، وكان يتمتم : " شوف محلا هالاتوستراد وكيف أتسعت الطريق .
صحيح طار ربع البيت وحزنت والدتي قليلاً لكن الوزير فرنجية بيمون كرمال تصير كفرحاتا أفضل " .
ريمي " الأرمل " في تلك الحلقة تأثر مراراً وهو يتحدث عن زوجته الأميرة هند أبي اللمع ورحيلها الموجع .
أنطوان ريمي الذي رحل في ١٥ نيسان ٢٠٠٢ عن ٦٥ سنة أقيمت له في بلدة والدته بسلوقيت حفلة تكريمية في قاعة الكنيسة بمناسبة مرور أربع سنوات على غيابه و١٥ سنة على غياب زوجته وتعاقب على الكلام من رفاق الدرب : شكري أنيس فاخوري وأنطوان كرباج وإحسان صادق وكاتب هذه السطور إضافة لرئيس بلدية بسلوقيت الذي أعلن عن شارع في البلدة بإسم ريمي وزوجته .
الوعد بقي وعداً لأسباب كثيرة أهمها أن ريمي الذي عاش في البلدة ليس " بسلوقيتياً " وإذا صح السبب لماذا لا تبادر كفرحاتا التي عاد إليها أنطوان ريمي بعمر الحادية عشرة من عمره ( مواليد السنغال ١٩٣٧ )  وحملها في قلبه ومسلسلاته . 
أنطوان ريمي الذي عانى من وجع غسل الكلى وكان أيوب المرض والأوجاع لا تختصر مسيرته بالمناصب التي وصل إليها من مدير الإنتاج والبرامج في تلفزيون لبنان من ١٩٨٣ الى ١٩٨٩ ولا بموقعه في تلفزيون الجديد بحلته الأولى بين ١٩٩١ و١٩٩٦ ولا برئاسته نقابة السينمائيين أو  تسلمه القسم السينمائي في جامعة القديس يوسف بل بالبصمات الدرامية التي وقعها في تواقيعه المميزة .
سيرته في الحياة تختصر بين السنغال حيث أبصر النور فالى حارة كفرحاتا وصولاً إلى عينطورة التي أعطته شهادة بكالوريا وشهادات في الحياة والصداقات .
في التلفزيون جعل المخرج مساعدة المخرج هند أبي اللمع زوجة مخرج ونجمة في الدراما والكوميديا في سنواتها الأخيرة . 
أنطوان ريمي الذي أخرج الفيلم والمسلسل والمسرحية المصورة له بصمةً كبيرة في إنطلاق تلفزيون لبنان وبقي حتى أيامه الأخيرة يقدم الوجوه الجميلة وعلى سبيل المثال رندلى قديح في "حكاية أمل " والتي رشحها كما ميرانا شربل النعيمي لتكون واحدة منهما .
القديسة مارينا في التلفيلم التي كانت تحلم به هند ويحلم هو بتقديمه تحية لها من وادي قنوبين  لولا الموت التراجيدي الذي لا يقدر التراجيديا في التلفزيون . 
قدم ريمي في مسيرته الأعمال التاريخية مثل هارون الرشيد وفارس بن عياد و" فداك فلسطين " مع النجم الفلسطيني الراحل محمود سعيد وغيرهم .
أبرزت مسلسلاته أهم ثنائية في تاريخ التلفزيون : هند أبي اللمع وعبد المجيد مجذوب .
من تواقيع ريمي الذي كان يسمى بمخرج " ألو حياتي " الكثير من الاعمال الباقية في البال :  حكاية الايدي - ستي الختيارة - يا مدير - المنتقم - الابله - السراب - غروب - ديالا - العقرب - الاسيرة - هنادي - شجرة الدر - شارع الكسليك ( أصبح شارع الايام ) - عازف الليل - ضاعوا في المدينة - الانتظار -المسحراتي - عازف الليل ( لوجيه رضوان ) - لا تقولي وداعاً - المعلمة والاستاذ ...
تيترات ريمي مثل " لا تقولي وداعاً " و" ديالا " وموسيقى " عازف الليل " تتألق في الوجدان في الليل والنهار وأعداد أعماله شاهدة على ذلك .
في السينما أخرج أنطوان ريمي لشوشو " شوشو والمليون " وبيروت 500 وشاطىء الحب وللنساء فقط وتعامل مع المنتج طنوس فرنجية وهما أبناء منطقة واحدة .
كسب ريمي ثقة " الأخوين رحباني " وأخرج للتلفزيون الكثير من مسرحياتهما مثل " ميس الريم " .
في البرامج كانت له بصماته أيضاً حيث شارك في إخراج برنامج " نجوم على الأرض " من أعداد جورج ابراهيم الخوري وتقديم ليلى رستم .
ريمي صور عشرات بل مئات المشاهد من مسلسلاته في كفرحاتا وجعل نساء ورجال البلدة " الكومبارس ".
صحيح أن ساسين وربيع إبتعدا عن التمثيل ولم يظهر سوى ربيع في صورة فوتوغرافية في " العقرب " وفي دور المرافق للممثل علي الخليل في " شارع الكسليك " لكن وباء الإخراج أصيب به حفيده وحامل إسمه وهو الساعي مع والدته الممثلة ندى ريمي ليبصر النور فيلم " الأميرة " فالتاريخ دائماً يكرر نفسه ألم يذهب المرحوم أنطوان ريمي إلى فرنسا لدراسة الطب فوقع بغرام الفن فدرس  عوضاً عنه الرسوم المتحركة .

عائلة أنطوان ريمي هاجرت اليوم ومنزله في كفرحاتا أصبح مقراً للبلدية ومنزله الصيفي في بسلوقيت زاد ساسين وربيع من طوابقه لكن الهجرة حولت الحديقة إلى أحواش للزهر البري بعد أن كانت للورد والعطر أيام " أم أنطوان " .
في هذا المنزل عاشت هند وأنطوان أيام حروب الإلغاء والتحرير وفيه تحول البهو إلى ديوانية لألبير حرب وجان خضير وشربل وأنطوان النعيمي رحمهم الله .

تلفزيون لبنان الذي أحيا جائزة مالية كانت من نصيب الممثلة ميري أبي جرجس في بداياتها أصبح مهجوراً في الحازمية .
مسلسل " دبالا " يتحضر المنتج مروان حداد لتنفيذه بعد أن كتبه مروان نجار بحلة جديدة .
رحل مروان الكاتب ولا يزال مروان المنتج يحضر لكن الصعوبة كبيرة .
من هي هند ابي اللمع الجديدة ؟ ومن هو انطوان ريمي الجديد ؟!
في مناسبة الاستذكار نعيد نشر ما كتبه ابن بشمزين الكورة عنكما في " ديالا " :

مضى 15 عامًا على رحيل أنطوان س ريمي
وكان قد مضى 13 عامًا على رحيل الأميرة
وما زالت تجري بنا الأيّام!

كم بدَتْ جميلةً وعودُ ذاك الفجر
وكم أتَتْ هزيلةً ترجمةُ الوعود!
سقى اللهُ عَهدًا
كانت فيه النجمةُ صاحبةَ قامةٍ ومقام
وكان المخرجُ صاحبَ رأيٍ ورؤيا
كم حسبْنا ما بين أيدينا مهنةً وأمانة
لا مشروعَ قدَرٍ يُقَدُّ من مَهانة
جميلةً بدّتْ
 ثمَّ... تبدَّدَتْ
وضاعت وَهمًا... سرابًا... خَيالا
ما كان هذا قصدَنا لمّا سألنا:
من أنتِ يا ديالا؟

مروان