مخاتير لبنان يحتجّون على رسوم إخراجات القيد: هل يُطعن بالقانون؟
عبد الكافي الصمدلم يسبق أن تحرّك مخاتير مختلف المناطق اللبنانية كما تحرّكوا أمس إحتجاجاً على الرسوم الجديدة، التي وصفوها بـ"العشوائية" و"المجحفة" و"الجائرة" و"غير العادلة" التي تمّ فرضها في الموازنة العامّة التي أُقرت قبل أيّام في مجلس النواب، بعدما لمسوا أنّ الموسى قد وصلت إلى ذقونهم وأنّهم سيكونون في "بوز" المدفع بمواجهة المواطنين الذين سيحتجون على فرض رسوم غير مسبوقة على إخراجات القيد والوثائق التي سيتم إستخلاصها من أقلام ودوائر النفوس في مختلف المناطق.
فبعد نشر قانون الموازنة العامّة للعام 2024 في الجريدة الرسمية، في 12 شباط الجاري، تبين أنّ رسوم إستخلاص إخراجات القيد (إفراي أو عائلي) ووثائق الوقوعات الأخرى (زواج، ولادة، وفاة وطلاق) قد ارتفعت من 20 ألف ليرة إلى 400 ألف ليرة، أيّ 20 ضعفاً، وأن يكون رسم المصادقة على أيّ مستند صادر عن المديرية العامة للأحوال الشخصية 20 ألف ليرة، على أن تُستوفى هذه الرسوم بواسطة طوابع مالية أو بإشعارات دفع الرسم المالي، علماً أنّ هذه الرسوم لا تشمل تلك الواجب إستيفاؤها على متن الطلبات كطابع المختار مثلاً، فضلاً عن تكاليف أخرى سيتكبدها المواطنون، ما يرفع رسم الحصول على إخراج قيد أو أي وثيقة إلى ما لايقلّ عن 750 ألف ليرة على أقلّ تقدير.
أكثر من سؤال وُجّه إلى الحكومة والمسؤولين في وزارتي المال والداخلية، وتحديداً المديرية العامة للأحوال الشخصية، المعنية مباشرة بتنفيذ هذا القانون، أبرزها الأسئلة التالية:
أولاً: كيف يمكن القبول بتنفيذ هذه الزيادة الباهظة على رسوم إخراجات القيد وبقية الوقوعات الأخرى، بينما الأجور والرواتب إمّا بقيت على حالها أو طالتها زيادات أقل ما يقال عنها أنّها مجحفة، ولا تلبي الحدّ الأدنى من متطلبات عيش المواطنين، فمن أين سيأتون بأموال للحصول على هذه الوثائق لهم ولعائلاتهم، خصوصاً أنّ الإحصاءات التي تجريها وزارة الشّؤون الإجتماعية تشير إلى أنّ أغلب الشّعب اللبناني بات يعيش تحت خط الفقر، خصوصاً في طرابلس وجوارها التي تشير الأرقام إلى أن نسبة الفقر في هذه المناطق (طرابلس والمنية والضنّية وعكّار) ناهزت 80 في المئة.
ثانياً: ما هي آلية تنفيذ هذا القانون وتطبيق فرض الرسوم الجديدة إذا كانت الطوابع المالية الجديدة ليست متوافرة، كما أنّ الطوابع المالية القديمة تخضع لمزاج سماسرة يتحكمون بها في السوق السوداء بلا حسيب أو رقيب.
ثالثاً: تجرّأ ثلاثة نواب هم عبد الرحمن البزري، أسامة سعد وشربل مسعد وأعلنوا أنّهم سيطعنون بالقانون، فهل سيلاقيهم نوّاب آخرون، من الشّمال تحديدا، لتجميد وإبطال هذا القانون، وتعديله لاحقاً، وهو أمر ممكن خصوصاً بعدما امتنع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن تنفيذ قوانين تتعلق بالتعليم الخاص أقرت مؤخّراً في مجلس النواب ورفض نشرها في الجريدة الرسمية، أم أنّ مصالح ميقاتي الخاصّة ستجعله ومن معه في السلطة يقيسون الأمور بميزانين غير متوازيين؟
ما سبق جعل مخاتير لبنان تنتفض أمس، من غير معرفة إلى أين سيصلون في تحرّكاتهم لأنّ العبرة تبقى في النتيجة. رابطة مختاري كسروان والفتوح دعت "للطعن بالموازنة وتصحيح الخلل"، ورابطة مخاتير راشيا إستنكرت "الزيادة العشوائية على الرسوم"، ورابطة مخاتير حاصبيا رفضت "الزيادات على رسوم إخراجات القيد"، ومخاتير زحلة لوّحوا بـ"إضراب تحذيري لمدة أسبوع"، ومخاتير الهرمل إحتجوا على "الرسوم الباهظة"، ومخاتير البقاع الشّمالي وصفوا الرسوم بـ"العشوائية"، ومثلهم فعل مخاتير صيدا والزهراني.
أمّا في الشمال فكانت التحركات الإحتجاجية أوسع.
مخاتير عكّار إحتجوا على رفع رسوم إخراجات القيد وبقية الوقوعات الأخرى، ومخاتير المنية إعتبروا "الرسوم جائرة وظالمة"، ومخاتير الضنية أعلنوا "الإضراب أسبوعاً إحتجاجاً على زيادة الرسوم"، أمّا في طرابلس حيث كان التحرّك الأوسع أمام دائرة نفوس طرابلس، تبعه لقاء موسّع في غرفة التجارة والصناعة والزراعة، فقد أكّد رئيس رابطة مختاري طرابلس فتحي حمزة أنّهم "بصدد إعلان الإضراب العام حتى تصحيح الخلل المالي الكبير"، معتبراً أنّ "أيّ قانون يصدره المجلس النيابي، ليس الإنجيل ولا القرآن، وهو ليس منزّلاً، لذلك هو قابل دائماً للتعديل وأيضاً الموازنة قابلة للطعن، وهي تفتقر للعدالة الإجتماعية"، سائلاً وزير المال: "في ظل الإفتقار إلى الطوابع المالية، ومع إفتقار الدوائر الرسمية إلى المستلزمات البديهية للعمل، من أوراق وغير ذلك، كيف يمكن العمل بمضمون ونصّ هذا القانون؟".