حملت انتخابات محافظة عكار مفاجآت مدوّية على أكثر من صعيد، ولا سيما في البلدات السنية الكبيرة التي شهدت تغييراً جذرياً، خلافاً لتوقّعات وحسابات الماكينات الانتخابية، ما يؤشّر إلى أن الانتخابات النيابية المقبلة، لن تكون سهلة على الإطلاق.

وفي قراءة لهذه النتائج، يظهر الآتي:

أولاً، إن عامل المال قال كلمته وقلبَ المعادلة والموازين، ما يؤكد أن المال الانتخابي الذي دُفع بأرقام هائلة لم تشهدها المحافظة سابقاً، ستكون له الكلمة الفصل في الانتخابات النيابية المقبلة.

ثانياً، أثبتت القوى التقليدية أنها ممسكة بمفاصل اللعبة الانتخابية وبحيثياتها وكل تفاصيلها، متفوّقةً بذلك على كل الكفاءات العلمية.

ثالثاً، ثبّتت انتخابات بلدة فنيدق (15500 ناخب، اقترع منهم 8200)، حيثية النائب وليد البعريني، الداعم للائحة «فنيدق أولاً»، ضدّ تحالف المنسّق العام لتيار المستقبل ورئيس اتحاد بلديات جرد القيطع السابق عبد الإله زكريا، والمرشح محمد عجاج، والعائلات، رغم الاعتراض على الكم الهائل من المخالفات، مع الإشارة إلى أن عكار احتلت المرتبة الأولى في عدد الشكاوى والتجاوزات، وفقاً لوزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار.

رابعاً، النتائج الصادمة التي حملتها انتخابات بلدية حلبا (8700 ناخب اقترع منهم 4100)، إذ خاضت البلدة معركة تكريس الزعامة العائلية بين لائحة رئيس البلدية السابق سعيد الحلبي، ولائحة ابن شقيقه عبدو الحلبي، وجاءت حاسمة بفارق كبير لصالح الأخير.

خامساً، النتائج غير المتوقّعة في بلدة ببنين (كبرى البلدات العكارية، 21 عضواً)، والتي أسفرت عن خسارة الجماعة الإسلامية، أمام تحالف رئيس البلدية الحالي محمود جوهر الذي حصد 4400 صوت، والمختار زاهر الكسار وآل الرفاعي. ومع ذلك، تمكّن تحالف الجماعة من الخرق بعضوين هما خالد المصري (مسؤول المحامين في تيار المستقبل)، ومحمد أحمد الحاج. أمّا مرشح الجماعة غسان السبسبي، فلم يحالفه الحظ.

أثبتت القوى التقليدية أنها ممسكة بمفاصل اللعبة الانتخابية، متفوّقةً على كل الكفاءات العلمية

سادساً: رياح التغيير التي هبّت على اتحاد بلديات جرد القيطع، إذ أفرزت النتائج مجالس بلدية جديدة في بلدات: شان، بزال، الحويش، حرار وبيت يونس. في حين، تمكنت بلدة مشمش من تكريس التحالف العريض الذي أقامته، لتحقق فوزاً ساحقاً على رئيس البلدية السابق محمد بري المدعوم من البعريني.

سابعاً: نجح تحالف العشائر في بلدة مارتوما في تحقيق النصر وإسقاط رئيس البلدية ورئيس اتحاد بلديات ساحل القيطع أحمد المير، ما اعتبر سقوطاً مدوّياً للأخير الذي يرأس البلدية منذ 21 عاماً. مع العلم أن الاعتراضات على أدائه كثرت في السنوات الأخيرة، واتُّهم بالعديد من السمسرات وملفات الفساد.

ثامناً، تمكّنت قوى التغيير في بلدة عكار العتيقة، كبرى بلدات الجومة، من إحداث تغيير، عبر الفوز على لائحة خالد بحري الذي يرأس بلديتها منذ عام 1994، إضافةً إلى القوى التقليدية التي تدعمه، والتي تنادي بالشفافية وتتغنى بالمحاسبة وعند الاستحقاقات الكبرى تسعى للترويج لأصحاب الأموال، وتعمل على شراء الذمم.

تاسعاً، حقّقت بلدة تكريت التغيير المنشود مع فوز تحالف اللائحة التي ترأسها الدكتورة هلا العبدالله، على تحالف رئيسَي البلدية السابقين حاتم العلي ورشدي الترك.

عاشراً، أثبتت النتائج في البلدات المسيحية أن المنافسة كانت محتدمة بشدة، وهو ما يفسر تقارب النتائج، ولا سيما لصالح اللوائح التي تحمل وجوهاً جديدة في عدد من البلدات.

ففي بلدة بزبينا، فازت لائحة رئيس البلدية طارق خبازي على اللائحة التي يرأسها مانويل هزيم بفارق 21 صوتاً. وفي بلدة الجديدة، فازت لائحة أيمن عبد الله على لائحة وليد عوض بفارق 35 صوتاً.

وفي بلدة جبرايل (12 عضواً)، تمكنت اللائحة المعترضة على أداء رئيس البلدية الحالي جميل خوري من الخرق بنصف الأعضاء. أما بلدتا عندقت وشدرا، فقد شهدتا فوزاً كاسحاً، إذ فازت لائحة علاء الخليل في الأولى على لائحة نعمة جبريل وجورج بيطار بفارق 700 صوت. وفي الثانية، فازت لائحة طاني حنا بفارق 1400 صوت على لائحة كامل الدرزي.

لا تغيير في البلدات العلوية

الواقع جاء مغايراً تماماً في البلدات العلوية التي أبقت قواها التقليدية، عبر تجديدها لرؤساء البلديات الحاليين. فبلدة الحيصة أعادت انتخاب الرئيس محمد حسين، وتلبيرة جدّدت البيعة للرئيس عبد الحمد صقر، وضهر القنبر أعادت انتخاب يوسف خجاجو. والواقع نفسه انسحب على تلعباس الشرقي حيث فاز رئيس البلدية محسن الصالح.

في المقابل، هبّت رياح التغيير على بلدات جبل أكروم، حيث فازت بلديتا أكروم والمونسة بالتزكية. وفي بلدة السهلة، فازت اللائحة المنافسة لرئيس البلدية حسن الخطيب. وشهدت بلدة كفرتون معركة حامية أسفرت عن خرق الرئيس السابق حسين الأدرع للائحة المواجهة له.