لا شك ان وزير الاشغال العامة علي حمية ديناميكي للغاية، حاضر في كل حدث وموقع من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال ..

وحسنا قال ، بل ملفتا ما قاله  امس لحظة وصوله الى العبدة لاطلاق ورشة صيانة وتأهيل طريق العبدة وصولا الى العبودية، ان " اليد الفاضية مجوية، " واعدا بزيارة اخرى ويكون لديه المشاريع الحيوية المطلوبة، حسب قوله.

يبدو ان الوزير حمية لاحظ ان صيانة طريق العبدة - العبودية، وهي شريان حيوي دولي يربط لبنان بسوريا، لا يفي بالغرض ولا يلبي مطالب عكار المزمنة، وتطلع العكاريين الى شبكة مواصلات رئيسية وداخلية نموذجية، خاصة حين سمع من النائب محمد سليمان ينقل عتب العشائر العربية في وادي خالد عليه، كونها منطقة مترامية الاطراف تعاني من اسوأ شبكة مواصلات في تاريخ لبنان الحديث.

ليست وادي خالد وحدها تعاني من الطرقات الرديئة، بل يمكن القول ان محافظة عكار لم تشهد منذ اكثر من عشرين عاما تأهيلا فنيا نموذجيا لطرقاتها، وان نوابا يعبرون هذه الطرقات من العبدة الى وادي خالد وجبل اكروم، ومن العبدة الى عكار العتيقة، والى فنيدق والقموعة مرورا ببلدات السهل والشفت والجومة، دون ان يضعوا اثقالهم في انتزاع حق عكار بطرقات معبدة وفق المعايير والمواصفات الفنية العالية. مما يطرح تساؤلات عن موازنات عكار ونصيبها من الزفت والتأهيل والترميم والصيانة، وعن دور النواب الذين تعاقبوا منذ عشرين عاما في فرض مشروع مواصلات حديثة.

كثيرون استغربوا، بل استوقفتهم اللافتات التي رفعت ترحيبا واستفاضة عن نيل عكار حقها؟ وطالما هي حقوق عكارية على الدولة، فلماذا تنتظر المنطقة كل هذه السنوات لنيل هذا الحق ؟

شخصيات وجمعيات عكارية لاحظت ان ورشة الصيانة التي اطلقها الوزير حمية، ليست الا عملية ترقيع غير مضمونة النتائج لاكثر من اشهر قليلة، لا سيما وان البعض يشكو من ادارة الالتزام ( المحسوبية السياسية لعبت دورا فيها) لهذه الورش، التي لا تتوفر فيها المواصفات الفنية حسب قول احد المهندسين الناشطين في عكار، ويقول  "الماء تكذب الغطاس"، ولننتظر حلول فصل الشتاء ..

اوساط هيئات مدنية واجتماعية عكارية، ابدت اولا اعجابها لحماسة الوزير حمية في اطلاق ورشة ترقيع طريق العبدة - العبودية، لكن ماذا عن طرقات عكار الاخرى من العبدة وصولا الى حلبا؟ وهي الاكثر الحاحا للتأهيل والترميم والتنظيم المدني ورفع الفوضى عنها، ومنع الحفريات التي تجري كل فترة على جوانبها او بمنتصفها، ليزداد الخراب خرابا دون اعادة تأهيل او ترميم فني نموذجي، وهي حفر مثيرة للشبهات ومبرراتها غير مقنعة ..

وسألأت الاوساط ماذا لو تابع الوزير حمية جولته نحو قرى وبلدات الجرد وقرى عكار العتيقة الفريدة من نوعها كأجمل منطقة سياحية في لبنان، ليلامس عمق المعاناة من شبكة مواصلات بدائية وطرقات ترابية في القرن الواحد والعشرين، لا تستوعب مرور سيارتين بوقت واحد ..

واكثر ما يثير الاستغراب هو تجاهل نواب عكار لهذه المنطقة السياحية في اعالي عكار العتيقة، التي بدأت تنتعش ببعض المنتجعات والمقاهي، لكنها تفتقد شبكة مواصلات لم يحرك اي نائب من النواب ساكنا حيالها ...

قد تكون جولة الوزير حمية غير المكتملة قد اضاءت شمعة في طرقات عكار، واحيت لدى العكاريين الآمال بقرار ثوري جريء يتخذه حمية ، لانقاذ عكار من طرقات بمنتهى الرداءة والاسوأ بين طرقات لبنان، ولعل وعده يبصر النور في زيارة ثانية قريبة ، يطلق فيها ورشة اوتوسترادات وطرقات رئيسة وعامة وتدخل محافظة عكار في عصر المواصلات الحديثة ...