بين المحرضين والمدافعين قضية النازحين الى أين؟
مرسال الترسضجت وسائل الاعلام في الفترة الأخيرة بالحديث عن هموم وشجون النازحين السوريين بين مدافع عن وجودهم، وبين محرّض عليهم، وبين معاناة الوطن من تحميله عبئاً باهظاً لم يكن يخطط يوماً للتعاطي مع مثل حالته. حتى أختلط حابل وجودهم على الأرض اللبنانية بوابل كيفية التعاطي معهم إنطلاقاً من مسلمتين:
أن بعضاً ممن يدافعون عن وجودهم على الأرض اللبنانية بحجة الخوف عليهم من إعادتهم الى أرضهم وتعرضهم لمضايقات هم أنفسهم قبل عشر سنوات رفضوا دخولهم لإعتبارات عديدة. ومنها على سبيل المثال عدم السعي لتأمين مراكز إيواء منتظمة لهم كما فعلت دولاً أخرى أُجبرت على استقبال مئات الآلاف منهم.
وهؤلاء أنفسهم الذين دافعوا عن دخولهم الى لبنان وطالبوا بالمزيد منهم، ما لبسوا أن انقلبوا على وجودهم في بعض الفترات وهاجموا مخيماتهم وأحرقوا بعضها تارة بحجة أنهم ينتمون للنظام ولاسيما عندما تداعى الكثير منهم الى المشاركة في الانتخابات الرئاسية السورية.
وطوراً أنهم لم يعد يخدموا طموحاتهم!
أما المحرضون عليهم في البداية فتوزعوا على فئتين: الأولى بحجة الخوف من تحوّلهم الى كتلة مقاتلة باعتبار أن معظمهم قد خضعوا للتجنيد الإجباري وقادرون على حمل السلاح.
ليقوّوا عزيمة هذه الفئة على تلك.
بالرغم من أن الأحداث والحروب في لبنان قد أثبتت عدم قدرة أحد على إلغاء آخرين!
أما الفئة الثانية فاعتراها الخوف من تأثيرهم على التركيبة الديموغرافية للتركيبة اللبنانية المؤلفة من ثمانية عشر طائفية، (ولكنها تُعتبر في المجموع العددي كلها أقليات، وليس بينها من يستطيع ان يغير المعادلة لوحده).
ولذلك ذهبت في رفضها الى حد استخدام اللغة العنصرية المقيتة التي تعودوا أن يستخدموها إزاء بعض الفئات في وطنهم فكيف إزاء كتلة من خارج الوطن!
اللافت أنه بين المحرضين والمدافعين ظهرت لغة هدفها تعميم التنابذ والكراهية وصولاً الى إدخال هذا النازح السوري (لإسباب مختلفة ومتعددة) في خضم الصراعات اللبنانية القابلة بسهولة أن تتحول الى حرب من أجل خدمة أهداف واستراتيجيات خارجية تصب حتماً في صالح أي عدو لا يريد الخير لهذا الوطن.
ولاسيما بعد لمسها لمس اليد الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها نازحون أو الاخلالات بالأمن والسرقات والتجاوزات المتعددة والتي تُترجم سلبياتها في السجون.
وهم بذلك التقوا بدون أن يدروا (ولكن هناك بالتأكيد بينهم من يدري) على وجوب تحويل النازحين الى استثمارات اعلامية تكون مقدمة لاستثمارات أمنية متجاهلين أن أية استثمارات في هذا المجال ستنقلب عليهم مهما كانوا بعيدين عنها في مراحلها الأولى.
الواضح أن العديد من القيادات اللبنانية تقف على مفترق طرق بعدما لمست كيف يسعى المجتمع الغربي ولاسيما الأوروبي منه الى استغلال وجود النازحين السوريين على الأرض اللبنانية وتمويل وجودهم هنا وليس على أرضهم، خدمة لمصالح مشبوهة لم تعد خافية على أحد.