الديار _ الرسالة الرسميّة وصلت الى أورتاغوس: لا مُفاوضات مُباشرة... ولا تطبيع مع "إسرائيل"
صونيا رزقسبق لنائبة الموفد الاميركي الخاص للشرق الاوسط مورغان أورتاغوس، ان زارت لبنان مرتين وإلتقت كبار المسؤولين اللبنانيين، ناقلة المواقف الاميركية و"الاسرائيلية" مع لهجة قاسية ونارية، بضرورة تجاوب لبنان الرسمي مع الشروط والقرارات الدولية، التي تحوي البنود الداعية الى تسليم السلاح وحصره بيد الدولة، وإلا لن يكون هنالك مساعدات ولا إعمار، حينئذ برز إنطباع سلبي من زيارتها، لانها بدت طرفاً بشكل معلن وواضح خلال مهمتها، وبعيدة كل البعد عن دور الوسيط الهادف للوصول الى حل، الامر الذي أزعج بعض الاطراف السياسية، خصوصاً انّ المطالب اللبنانية لم تتحقق لغاية اليوم، ويأتي في طليعتها إنسحاب القوات "الاسرائيلية" من النقاط الخمس التي تحتلها في الجنوب، وتثبيت إتفاق وقف إطلاق النار، لذا وفي ظل هذه العقد التي راوحت مكانها، إتجهت الانظار اللبنانية من جديد الى الزيارة الثالثة المسؤولة الاميركية التي بدأتها يوم الجمعة الماضي، وأطلقت مهمتها السبت بلقاء رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة، ومسؤولين ضمن الملفين المالي والاقتصادي، إضافة الى زيارة معراب بعيداً عن الاعلام.
لكن اللافت، انّ مهمة اورتاغوس جاءت بلهجة اميركية هادئة، بعيدة عن كل ما كان منتظراً من تهديدات وفرض شروط جديدة، على الرغم من انها تملك كل الاوراق الضاغطة، مع ضوء أخضر بالتهديد بعودة الحرب والغارات بشكل أعنف بكثير في حال لم تنفذ الشروط، إلا ان المنتظر جاء مغايراً جداً لانها إستعانت بالديبلوماسية هذه المرّة على غير عادة، بحسب ما نقل عنها من شهود في قصر بعبدا، حيث فاجأت الجميع مع إبتسامتها العريضة كما كان يفعل سلفها آموس هوكشتاين، وكأنها أرادت الإستعانة بطريقته، اذ كان يوصل الرسائل التي يريدها بهدوء لافت وثقة كبيرة.
وفي هذا الاطار، افيد بأنها تلقت نصيحة غربية كي تلعب دوراً إيجابياً، بعيداً عن التعالي وفرض الآراء بالقوة، فيما لبنان يطالب بحقوقه المشروعة، اولها تطبيق القرارين1701 و425 الذي هو جزء من القرار الاول، لجهة انسحاب "الاسرائيليين" من الأراضي المحتلة، أي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر، إضافة الى النقاط الخمس التي تحتلها في الجنوب، مع التشديد على وقف الخروقات "الاسرائيلية" اليومية، وترسيم الحدود البريّة من خلال التفاوض غير المباشر وبالعودة الى اتفاقية الهدنة في العام 1949، عبر اللجنة الثلاثية العسكرية المعنية بالنقاط الحدودية العالقة، مع إيصال رسائل من قبل لبنان الرسمي بأن لا مفاوضات مباشرة ولا تطبيع مع " إسرائيل"، فيما الاهداف الاميركية مغايرة تماماً لانها تسعى الى السلام في المنطقة، وجهودها تصبّ اولاً واخيراً في خانة نزع السلاح، على الرغم من انّ واشنطن تعلم جيداً مدى صعوبة جهودها في هذا الاطار، إضافة الى ملف المفاوضات اللبنانية المباشرة مع "إسرائيل" والوصول الى التطبيع، الامر الذي يرفضه لبنان بالمطلق، مما يعني انّ اورتاغوس عادت خالية اليدين من حلول مرتقبة لهاتين المسألتين، لذا إلتزمت الصمت على منابر بعبدا وعين التينة والسراي، وفضّلت الخوض في المسائل والاجراءات الاقتصادية، خصوصاً الاصلاحات المالية التي وضع تنفيذها كشرط لتقديم المساعدات الاميركية للبنان إضافة الى الدعم الدولي.
هذه المسائل بُحثت في عوكر بين اورتاغوس وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، ووزير المالية ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط ، الذين قدموا طروحات تعمل وفقها الحكومة، فكان رد مكرّر من المسؤولة الاميركية بأنّ المساعدات مرهونة بتحقيق الاصلاحات، مع تشديدها على ضرورة تقديم الحكومة، ما يؤكد تحقيق هذه الاصلاحات من خلال البراهين الملموسة.
ولم يغب أيضاً ملف الحدود اللبنانية – السورية عن المحادثات اللبنانية – الاميركية، وضرورة ضبطها ومنع التهريب بكل انواعه، وفي هذا الاطار اوضح الجانب اللبناني بأنّ المسألة في طريقها للحل، لانها وُضعت ضمن المسار المطلوب لتصحيح كل الشوائب الحاصلة، خلال اجتماع وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى مع نظيره السوري مرهف ابو قصرة، في مدينة جدّة السعودية قبل اسبوع، حيث اعلن الوزير منسى عن إقفال عدد من المعابر غير الشرعية على الحدود الشرقية، خصوصاً في القاع والهرمل، ما ترك إنطباعاً ايجابياً لدى اورتاغوس، مع ضرورة متابعة الملف المذكور من المعنيين لحلّه نهائياً.