لم يكد القانون المتعلق بدعم صندوق التعويضات ورواتب المتقاعدين في التعليم الخاص يُنشر في الجريدة الرسمية حتى احتجّ أصحاب المدارس، الممثلين بـ«اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة»، مهددين بالطعن به أمام المجلس الدستوري «لمخالفته مبادئ المساواة والعدالة والشمولية، ولما يعتريه من شوائب تشريعية تجعله غير قابل للتنفيذ في صيغته الحالية».

ودعا الاتحاد إلى «إصدار قانون جديد يأخذ في الاعتبار التعديلات المتفق عليها، وينصف المعلمين المتقاعدين وسائر المكوّنات التربوية، ليتسنى للمدارس الخاصة تطبيقه».

ونشر الاتحاد فيديوهات «تهويلية» يحرض فيها الأهالي ضد المعلمين، متذرعاً بما سيترتب على القانون من مفعول رجعي منذ تشرين الأول 2023، سيُدفع من الزيادات على الأقساط.

ولم يكتفِ اتحاد المؤسسات بالتلويح بالطعن في القانون، بل طالب بوقف العمل بالمرسوم الرقم 14312 بتاريخ 26 تشرين الثاني 2024 حكماً بعد نشر القانون الحالي، انطلاقاً من مبدأ تسلسل النصوص القانونية.

علماً أن المرسوم أقر بشكل مؤقت في انتظار القانون وقضى بزيادة نسبة كلّ من المحسومات المتوجبة على أفراد الهيئة التعليمية وأصحاب المدارس في صندوق التعويضات بمقدار 17 ضعفاً للعام الدراسي 2024-2025، وإعطاء الأساتذة المتقاعدين 9 رواتب.

أما القانون الجديد، فينصّ بصورة أساسية على تمويل صندوق التعويضات وتحسين الرواتب التقاعدية عبر اقتطاع نسبة 8 في المئة من رواتب الأساتذة في الملاك والأساتذة المتعاقدين، ونسبة مماثلة من إدارات المدارس، بالعملة التي تدفع فيها، أي بالليرة والدولار. كما يشترط حصول أصحاب المدارس الخاصة على براءة ذمّة من الصندوق تفيد بأن المدرسة دفعت كل متوجّباتها، كمستند أساسي لقبول وزارة التربية لموازنات المدارس. وبراءة الذمة هي أحد الاعتراضات الأساسية للمدارس التي تتخلف باستمرار عن دفع متوجباتها للصندوق.

وبدت مستغربة إشارة اتحاد المؤسسات، في رسالة موجهة إلى إدارات المدارس ولجان الأهل، إلى أن دفع محسومات 8 المئة بالدولار «مناقض لقانون النقد والتسليف»، في حين تجبر المدارس الأهالي على دفع «دعم مالي» خيالي من خارج القسط المدرسي وبالدولار الأميركي من دون أن يرفّ لها جفن.

كما إنه بعد ست سنوات على الانهيار المالي، رفعت المدارس أقساطها بالدولار وتسدد المستحقات لصندوق التعويضات على سعر صرف 1500 ليرة للدولار.

رئيس نقابة المعلمين نعمه محفوض انتقد «السلبية ضد القانون الذي يغذي صندوق التعويضات، والعداء تجاه حقوق 5 آلاف أستاذ متقاعد لا يزالون يقبضون بين مليونين و4 ملايين ليرة».

ولفت إلى أن هناك نحو 500 أستاذ سيتقاعدون هذا العام وسيستفيدون من القانون، وقد «اتفقنا سابقاً مع أصحاب المدارس بحضور نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب على أن تقرش القيمة الفعلية للرواتب بالليرة، فإذا كان الأستاذ يقبض مثلاً 1000 دولار و5 ملايين ليرة مثلاً، تدفع المدرسة 8 في المئة من الـ 95 مليون ليرة». واستغرب محفوض تهديد المدارس بالطعن في القانون ووقف العمل بالمرسوم في الوقت نفسه، علماً أن المرسوم يجمّد تلقائياً بعد تطبيق القانون».

وفيما تحدث الاتحاد عن غياب آلية تنفيذية للقانون، أكد محفوض أن «هناك بياناً مالياً يحول سنوياً من المدرسة إلى صندوق التعويضات، وبالتالي إن المدرسة تدفع 8 في المئة على البيان المالي. أما المفعول الرجعي، فهو إحدى النقاط القابلة للبحث، ويمكن الاتفاق مع المدارس على آلية الدفع، علماً أن النقابة اقترحت تأجيل الدفع لصندوق التعويضات إلى تشرين الأول 2025».

وشدّد محفوض على أن زيادة مساهمات المدارس لصندوق التعويضات لا تحتم أي زيادة على الأقساط. ونفى ادعاء الاتحاد بأن الإدارة ستحسم من رواتب المعلمين من دون أن يستفيدوا من التعويضات التي تزال تُعطى وفقاً للسلسلة القديمة، لأن «القانون الجديد يوضح الآلية، إذ إن المادة الأخيرة منه تنص على أن الأستاذ الذي اختار أن يأخذ راتباً تقاعدياً يقبض راتبه أسوة بزميله الأستاذ المتقاعد من التعليم الرسمي.

أما الأستاذ الذي اختار تقاضي نهاية خدمة، فإن آلية الحل للتعويض سيضعها مجلس الإدارة الجديد لصندوق التعويضات، علماً بأن أصحاب المدارس ممثلون بأربعة أعضاء في مجلس الإدارة، بينهم الأمين العام للمدارس الكاثوليكية.

وذكر محفوض بأن الأمين العام الأسبق للمدارس الكاثوليكية الأب كميل زيدان رفع حصة المدارس إلى 8 ونصف في المئة وفرض على الأساتذة المتعاقدين دفع 6 في المئة، في تسعينيات القرن الماضي، ثم أُلغيت المادتان، عندما أصبح الصندوق يتمتع بملاءة مالية، واليوم أعاد القانون العمل بهما نتيجة الظروف المستجدة، علماً أن الأستاذ المتعاقد يستطيع أن يقدم طلباً إلى الصندوق ويستعيد كل أمواله التي دفعها طوال مدة خدمته.