أزمة النّازحين السّوريين في لبنان: معالجة عرجاء
22 أيار 2024

أزمة النّازحين السّوريين في لبنان: معالجة عرجاء

عبد الكافي الصمد    

قبل أيّام، لاحظ مواطنون في مناطق بمدينة طرابلس وفي بلدات بمحافظة عكّار أنّ عدد النّازحين السّوريين قد ازداد فيها، قبل أن يتبين بعد ذلك بأنّ هؤلاء النّازحين قد أتوا من مناطق لبنانية أخرى جرى العمل على إبعادهم منها بحجّة أنّهم يقيمون في تلك المناطق بشكل غير شرعي، وأنّهم لا يحوزون إقامات ولا رخص عمل فيها، وبأنّهم يخالفون القوانين اللبنانية، أو قاموا بأعمال مخلّة ومخالفة لهذه القوانين.

أبرز عملية ترحيل للنّازحين السّوريين في الشّمال جرت الأسبوع الماضي، عندما قامت القوى الأمنية بإشراف محافظ الشّمال رمزي نهرا بإجبار أكثر من 1500 نازح سوري يقيمون في مجمّع الواحة في بلدة ددة بقضاء الكورة على إخلائه ومغادرتهم المكان، إلّا أنّهم لم يعودوا إلى بلدهم سوريا إنّما انتقلوا إلى منطقة لبنانية أخرى، ما طرح تساؤلات ورسم علامات إستفهام حول ما إذا كانت أزمة النّازحين السّوريين غير الشرعيين تكون معالجتها بهذه الطريقة صحيحة.

قبل ذلك كان المحافظ نهرا قد أشرف على ترحيل نازحين سوريين غير شرعيين من بلدات وقرى في قضاءي البترون والكورة، وهم أيضاً لم يغادروا إلى سوريا، إنّما نحو مناطق لبنانية أخرى، خصوصاً في طرابلس وعكّار أكثر من سواهما، ما جعل كثير من الفاعليات والناشطين يوجّهون، عبر منصّات وسائل التواصل الإجتماعي، إنتقادات إلى نهرا والسّلطات اللبنانية يقول أصحابها بأنّ هؤلاء النّازحين لم ينتقلوا من دولة إلى دولة أخرى، إنّما داخل دولة واحدة، إلّا إذا أصبحت كلّ منطقة لبنانية تعتبر نفسها دولة قائمة ومستقلة، وتمارس سلطات أقلّ ما يقال فيها أنّها إعتباطية وغير عقلانية، وبأنّها تنطلق من خلفيات قائمة على التحريض السّياسي والطائفي ضد النّازحين، وتسهم في تفاقم المشكلة وليس حلّها.

إنتقال أعداد كبيرة من النّازحين السّوريين من مناطق معينة نحو مناطق أخرى، مثل طرابلس وعكّار كما سبقت الإشارة، هل سيجعل هاتين المنطقتين تحظيان بمساعدات وحصص مالية أكبر من المناطق اللبنانية التي طردت النّازحين السّوريين، وتحديداً أموال منحة الإتحاد الأوروبي التي بلغت مليار يورو المخصّصة للمجتمعات اللبنانية المضيفة للنّازحين السّوريين، أم أنّ هذه الأموال ستضيع في زواريب الفساد والهدر والمحاصصة؟

أكثر من ذلك، يتوهم البعض أنّه نتيجة حملات التحريض القائمة على العنصرية تجاه النازحين السوريين يمكن أن تحلّ المشكلة، من غير التواصل مع الحكومة السّورية إلى جانب الضغط على المجتمع الدولي، وعلى رأسه الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الذي ما يزال حتى اليوم يرفض إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، إضافة إلى عدم رفع المجتمع الدولي وحلفائه في المنطقة والعالم الحظر المفروض على سوريا، على أمل أن يساعد ذلك في دعم الدولة السّورية بإعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب في سوريا، بما يُسهّل ويُمكّن عودة النّازحين إليها.

ردود الفعل السّياسية على هذه السياسة العرجاء لمعالجة أزمة النازحين السوريين في لبنان كان أبرزها ما قاله النائب فيصل كرامي، أمس، من أنّ "عملية تطفيش النازحين السوريين من بعض المناطق إلى مناطق أخرى لن يُعالج المسألة بل سيزيدها تعقيداً، وسيزيد التحريض ما يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه"، داعياً إلى أن "يكون علاج ملف النزوح السوري بطريقة عقلانية، بعيداً عن أيّ لغة مذهبية أو طائفية أو مناطقية".

قبل ذلك كان النائب جهاد الصمد، وفي الجلسة النيابية التي عقدت الأسبوع الماضي بهدف مناقشة ملف النّازحين السّوريين قد قال في مداخلة له إن "سوق الخضار بالجملة في طرابلس توقف وتعطل العمل به لأنّ العمال السوريين أخذوا قراراً أن لا ينزلوا إلى الشغل" بسبب الحملة عليهم، منبّهاً أنّ "هذا الضغط يجب أن يكون مدروساً ومتوازناً"، وسأل: "هل أنّ سياسة العنصرية والتحريض ضد سوريا والشعب السوري هي الحلّ؟"، محذراً من أنّ "هذا الخطاب سيؤدي إلى نتائج كارثية على صعيد السلم الأهلي في لبنان".

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen