حسبنا الله و نعم الوكيل
بقلم الأستاذ ناصر الظنطقال الله تعالى في كتابة العزيز : "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" صدق الله العظيم
إنها جملة قصيرة من أربع كلمات ولكنها لأزمة هزّت العالم و أذهلت الغرب و الشرق ، عندما يخرج الطفل الذي فقد أهله و بيته أو الرجل الذي خسر عائلته وأطفاله أو المرأة الثكلى بأطفالها و عائلتها و منزلها و مالها ، يخرجون من بين الركام و الدمار ليشكروا الله تعالى حامدين صابرين محتسبين شعارهم : "حسبنا الله و نعم الوكيل ".
الأمر الذي طرح تساؤلات كبيرة عند غير المسلمين في بلادنا و في خارجها ،عن الإسلام و المسلمين و المفاهيم الإسلامية للحياة و الموت و الشهادة في سبيل الله، و يقال أن الكثير منهم إعتنق الإسلام و منهم من راح يبحث و يدرس و يقرأ عن الخلفيات التي تقف خلف هذا الصمود الرائع و عن البسالة الكبيرة و عن الصبر العميق علماً أن هذا المشهد قد رأيناه في غزة بشكل كبير جداً جداً أمام حجم المعاناة الكبيرة التي أصابت أهلها الكرام و الذين يرددون المواقف القوية التي تؤكد ثباتهم و صمودهم في كل الميادين ، الصبر على المجازر الجماعية لا بل حرب الإبادة ، الصبر على هدم البيوت و المجمعات السكنية و الأبراج و كذلك الأحياء و الصبر على التهجير القسري ، الصبر على فقدان الماء و الكهرباء و الغذاء و الدواء ، حتى المستشفيات و الكوادر الطبية و سيارات الإسعاف و بالتالي فإن الخدمات الطبية و الإستشفائية للجرحى و للمرضى أصبحت في حالة شلل و عجز ، إنهم يريدون الوصول بغزة إلى أرض محروقة غير قابلة للحياة ، حيث يقال بأن الدمار طال حوالي ستين بالمئة من المباني أو يزيد.. و رغم ذلك نسمع أهل غزة الأشاوس يرددون، إنا لله و إنا اليه راجعون ،و كل ذلك فداء لفلسطين و للقدس و للأقصى المبارك و للمقاومة البطلة الشريفة.
نعم هذا المشهد الأسطوري رأينا ما يشبهه أيضاً في سائر مدن و مخيمات و احياء الضفة و القدس و كذلك في لبنان ، في حرب تموز ٢٠٠٦ ،و في هذه الأيام نرى ثبات المجاهدين و أهالي الشهداء و صبرهم و إحتسابهم لا بل إفتخارهم بأبنائهم الذين قدموا دماءهم على طريق القدس و فلسطين مع الإستعداد لتقديم المزيد من التضحيات و التأكيد على الإستمرار في مسيرة المقاومة و الفداء ، و لعل الأخ العزيز الحاج محمد رعد (أبا حسن ) رئيس كتلة الوفاء للمقاومة خير من يمثل أهالي الشهداء و الذي إعتبر إرتقاء فلذة كبده عباس مع رفاقه وسام عز و فخر لا بل منّة من الله تعالى بإصطفاء ولده ليكون شهيداً في سبيل الله .
هذه الأمة التي تحتضن ثروة كبيرة من أبنائها الأشداء الذين ينتصرون على الإرهاب و المصائب و الآلام و الشدائد جديرة بالرفعة و التقدم و العزة و الكرامة و الحرية.
ولعلنا اليوم أمام صورٍ من الملاحم الجديدة و المتجددة بعد إستئناف العدو الصهيوني المجرم لعدوانه اللئيم و الماكر على غزة الأبية مستخدماً أبشع أساليب الدمار و القتل و القصف "السجادي" و الأحزمة النارية شديدة الإنفجار و القادرة على المزيد من القتل و التدمير .
و لكن مع ذلك نرى الصبر و الثبات عند أهلنا الأعزاء و خلفهم رجال مقاومون ،قساميون و جهاديون و …يواجهون الدبابات الصهيونية المتوغلة ببسالة و قوة و شجاعة لامثيل لها ، مما يوحي أن المشاهد التي رأيناها في الجولة السابقة (٤٥يوماً) قد تتكرر إلى حد كبير ، أي دمار و قتل و تشريد و لكنه مصحوب بصبر و ثبات و مواجهات بطولية ، أي أن العدو قد يحقق إختراقات في مناطق رخوة و لكنه سيفشل في تحقيق صورة نصر يسعى إليها ، علماً أن الجبهات المساندة الأخرى عادت لتشتعل بدءاً من اليمن الأبية إلى العراق الأشم و الضفة الوفية التي لم تهدأ أصلاً .
و كذلك الجبهة اللبنانية بقيادة المقاومة الإسلامية المباركة التي باتت تخوض حرباً حقيقية على طول الحدود المشتركه مع فلسطين من الناقورة ساحلاً الى اعالي تلال كفرشوبا و مزارع شبعا.
ولا ننسى المظاهرات الإحتجاجية في المدن العربية و الإسلامية وكذلك في بلاد أميركا و أوروبا و غيرها ، كل ذلك من شأنه تعزيز الأمل بفشل العدوان الغاشم و فشل الكيان المؤقت مع داعميه في أميركا و بعض الدول الأوروبية و إنه لجهاد نصر أو إستشهاد ، ومالنصر إلا من عند الله العزيز الحكيم .