ثلاثة شهداء في يوم واحد: طرابلس لا تحيد عن بوصلة فلسطين
عبد الكافي الصّمدلم يكن مفاجئاً أنْ تتلقى طرابلس خبر إستشهاد 3 من أبنائها، يوم الثلاثاء الماضي في 21 تشرين الثاني الجاري، على تراب الجنوب بعد استهداف جيش العدو الإسرائيلي لهم أثناء قيامهم بواجبهم الإعلامي أو الجهادي، فالمدينة تعيش منذ عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأوّل الماضي التي نفّذتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة تضامناً يومياً وتفاعلاً مع قضية فلسطين بشكل أعاد عاصمة الشّمال إلى موقعها الطبيعي العروبي والإسلامي، بعد أن "خُطفت" حيناً من الزمن، بالتزامن مع إرتفاع صور وجداريات للمتحدث العسكري باسم كتائب عزّ الدّين القسّام – الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أبو عبيدة الملقب بـ"المُلثم"، في شوارع المدينة، وفي بلدات وقرى شمالية مختلفة، فضلاً عن رفع الإعلام والكوفيات الفلسطينية نظراً لازدياد الإقبال عليها.
وسط هذه الأجواء تلقى الطرابلسيون نبأ إستشهاد المصور في قناة "الميادين" ربيع المعماري، إبن مدينتهم، مع زميلته الصحافية فرح عمر ومرافقهم حسين عقيل، قبل أن يتلقوا بعد ساعات قليلة خبر إستشهاد إثنين من أبناء المدينة هما أحمد عوض (أبو بكر) وخالد ميناوي، كانا برفقة نائب مسؤول حركة حماس في لبنان خليل الخراز وسعيد ضناوي، مع تركيان هما بلال أوزتوك ويعقوب أردال من تنظيم "فوارس الأناضول" (إستشهد الأربعة أيضاً) على طريق فرعية بين قريتي الشعيتية والمعاينة جنوب مدينة صور، ما لبث بعد ذلك بدقائق معدودة إلا أن ارتفعت التكبيرات من مآذن مساجد مدينة طرابلس، قبل أن يندفع مواطنون إلى الشّوارع لتوزيع الحلوى على المواطنين والمارة إبتهاجاً بالمناسبة، معتبرين ذلك "فخراً لنا في طرابلس تقديم الشّهداء"، على حدّ قول بعضهم.
ليس هذا المشهد غريباً ولا طارئاً على طرابلس التي لم تترك قضية عربية أو إسلامية تمرّ إلا وعبّرت عن تضامنها معها، في إشارة إلى تجذّر وعيها وانتمائها وارتباطها مع قضايا الأمّة وعلى رأسها قضية فلسطين، التي كانت طرابلس واحدة من أبرز المناطق والمدن اللبنانية التي احتضنتها وقدمت في سبيلها الدماء والشّهداء والمال على مدار نحو 75 عاماً، منذ نكبة فلسطين ونشأة الكيان الصهيوني عام 1948.
وظهر هذا التضامن والتعاطف مع قضية فلسطين بعد شيوع خبر إستشهاد عوض ومنياوي، وقبلهما المعماري، فقد أقفلت أسواق المدينة ومدارسها حزناً، وبثت مكبرات الصوت من مآذن المساجد تكبيرات وآيات قرآنية، قبل أن يتجمع حشد غفير من المواطنين إثر دعوات وُجهت إليهم للمشاركة في تشييع الشهداء من قبل أحزاب وقوى لبنانية وفلسطينية وأداء صلاة الجنازة عليهم في مسجد التقوى بعد صلاة الجمعة.
إستشهاد شبّان من طرابلس في الجنوب في مواجهة العدو الإسرائيلي سلّط الأضواء على مشاركة طرابلسيين وشماليين في المعارك الدائرة جنوباً منذ بدء عملية "طوفان الأقصى"، وهو أمر أوضحته مصادر إسلامية مطلعة لموقع (06News) بتأكيدها أنّ "هناك إندفاعة واضحة من قبل شبّان طرابلسيين وشماليين للمشاركة في مساندة كتائب القسّام وعمليات المقاومة ضد الإسرائيليين، لأنّ طرابلس تعتبر قضية فلسطين والدفاع عن المسجد الأقصى مقدسة بالنسبة لها"، وأشارت إلى أنّ "معظم المشاركين ينتمون إمّا للجماعة الإسلامية أو أنّهم سلفيون، إنّما ليسوا سلفيين مقرّبين من السعودية أو منتمين إلى تنظيم داعش".
وكشفت المصادر أنّ حركة حماس والجماعة الإسلامية "تتحركان في أغلب المناطق السنّية الشّمالية للتحشيد، ومن أجل حثّ الشبّان والمتطوعين أو مساعدتهم على كيفية المشاركة في المواجهات مع الإسرائيليين، سواء عسكرياً أو لوجستياً ومالياً أو تنظيمياً، بهدف الإلتحاق بـ"كتائب القسّام" أو بـ"قوات الفجر" (الجناح العسكري التابع للجماعة الإسلامية)".