اذا تعثرت حماس...فشعلة المقاومة تواصل تألقها!
مرسال الترسمن كان يصدّق أنه بعد ثلاثين سنة على توقيع اتفاقية أوسلو المتعلقة بالقضية الفلسطينية سيتم نسفها من الأساس لأن أحد الطرفين قد أخلّ بتعهداته، وأن طرفاً ثالثاً سيعيد المعادلة إلى نقطة الصفر؟
ففي اليوم الثالث عشر من شهر أيلول عام 1993، وقّع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في حديقة البيت الأبيض بواشنطن اتفاق تشكيل "سلطة حكم ذاتي فلسطيني انتقالي" يعرف بـ"اتفاق أوسلو" الذي مهد لمرحلة جديدة من تاريخ القضية الفلسطينية.
فبعد سنتين، وتحديداً في الرابع من تشرين الثاني عام 1995 اغتيل رابين في تل أبيب عاصمة الكيان الاسرائيلي (على يد متطرف يهودي )، وفي 11 تشرين الثاني 2004 توفي الرئيس عرفات على الأرض الفرنسية في ظروف غامضة (حيث قيل أنه جرى تسميمه في وقت سابق)، ولم يتحقق من سلطة الحكم الذاتي الاّ الإسم.
ولكن في السابع من تشرين الأول عام 2023 أطلقت حركة حماس من قطاع غزة "طوفان الأقصى" التي قلبت مقاييس "العمل الفدائي الفلسطيني" رأساً على عقب منذ أن أطلقه عرفات رسمياً في العام 1967 بعد الحرب العربية – الاسرائيلية التي شهدها شهر حزيران من ذلك العام.
فالجميع يلمس أنه بعد اتفاقية أوسلو ونشوء السلطة الفلسطينية في رام الله، تسلّل التراجع بخطوات ملموسة الى المقاومة الفلسطينية بالرغم من الانتفاضات التي إنطلقت احتجاجاً على ممارسات قوات الاحتلال في مدينة القدس التي حولها الكيان اليهودي الى عاصمته بدل تل أبيب، والإجراءات التي إعتمدها إزاء المسجد الأقصى إنطلاقاً من حائط البراق المجاور (أو حائط المبكى بالنسبة للدين اليهودي)، وتزامناً مع ذلك جرى توقيع معاهدات سلام بين اسرائيل وبعض الدول العربية (مصر والأردن)، مضافاً اليها عمليات تطبيع وفتح مكاتب تمثيلية في عواصم عربية أخرى.
لاحظ المراقبون أن السينايوهات المطروحة بعد خمسٍ واربعين يوماً على بداية الحرب على غزة، ومع الموت السريري الذي أصاب الضميرين الدولي والإقليمي، قد لا تكون النتائج في صالح القطاع الذي لا تتعدى مساحته الأربعمئة كيلومتر مربع أن يستطيع الصمود وسط آلة حرب لا تعرف معنى الانسانية بعد تركيزها على إستهداف المراكز الصحية والتربوية وأماكن لجوء النازحين، ولكن هؤلاء المراقبين الذين لمسوا حجم الصدمة التي أصابت العدو الاسرائيلي من جراء أحداث السابع من تشرين الأول، فهم على يقين أن القضية التي انتفضت بعد خمسٍ وسبعين عاماً وبهذا الشكل غير المسبوق.
ستجد حتماً من ينتفض بعد حفنة من السنوات ليعيد تحرير الأرض من مغتصبيها. فلا يجوز أبداً التشكيك بالمقاومة لانها كرّست مبدأي التحدي والتضحية حتى الاستشهاد.