نداء الوطن: كرامي يتقدّم وريفي يخرق... وعكار لـ"الجماعة"
مايز عبيدإتّسمت العملية الإنتخابية لعضوية المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في عكار وطرابلس بالهدوء والأجواء التنافسية الديمقراطية، هذا في الشكل، أما في المضمون فإنّ ظروف المعركة مختلفة في كل من المحافظتين.
ففي عكّار، المساعي والإتصالات التي انطلقت منذ تبلور أسماء المرشحين الخمسة (قبل انسحاب المحامي سامر خزعل)، واستمرّت إلى فجر أمس، لم تنجح في التوصّل إلى اتفاقٍ على اسمٍ واحد لتجنّب كأس الإنتخابات. طرح البعض في اجتماع توافقي فكرة القرعة بين المرشحين، وطرحت فكرة التصويت ضمن اللقاء التوافقي، وكلها أفكار كان يرفضها المرشحون أنفسهم لتتجه الأمور في النهاية الى الانتخابات.
لم تكن الإنتخابات واتجاهاتها واضحة في عكار مع توزّع المرشحين على أكثر من جهة سياسية وعدم تبنّي النواب خيارات واضحة، بالإضافة إلى وقوف مفتي عكار على مسافة واحدة بين المرشحين، وكل هذه العوامل سمحت للمعركة أن تأخذ مداها بحرّية بين المتنافسين ولم يكن من السهل التكهّن بالنتائج قبل حصولها.
يمكن القول إنّ 3 من المرشحين من أصل 5، محسوبون على «تيار المستقبل» ولو أنّ أمينه العام أحمد الحريري أبلغ أكثر من شخص اتصل به، أنّه ليس لـ»التيار» أي مرشح. في المقابل، نشطت «الجماعة الإسلامية» لدعم مرشحها الدكتور كفاح الكسار الذي تمكّن من تأمين تقاطع ورضى أطراف عدّة ضمن الهيئة الناخبة، كونه يحظى بسمعة طيبة في عكار، ولم يضع أي طرف «فيتو» على اسمه، إضافة إلى الدعم الذي ناله من رئيس اتحاد بلديات وسط وساحل القيطع أحمد المير وأعضاء من الإتحاد. وبحسب المعلومات، فإنّ مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان لم يكن ضد مبدأ التوافق في المناطق في حال حصوله، ولذلك كانت ملائكته حاضرة في أكثر من اجتماع لهذه الغاية. وبطبيعة الحال انطلقت العملية الإنتخابية في عكار في حضور مندوبي المرشّحين قرابة الساعة الحادية عشرة إلا ربعاً مع حضور نصاب النصف زائداً واحداً، وأشرفت عليها لجنة برئاسة نقيب المحامين السابق في الشمال محمد المراد، كما ضمّت رئيس دائرة أوقاف عكار الشيخ مالك جديدة (أميناً للسر)، وأعضاء.
وقد اقترع في عكّار 155 من أصل 166 من أعضاء الهيئة الناخبة، وقرابة الثانية بعد الظهر أعلن المراد النتائج، وجاءت على النحو الآتي: كفاح الكسار 81، محمد حافضة 32، نزار قاسم 23 ووسيم المرعبي (العضو السابق) 14.
وبحسب هذه النتيجة، حلّت «الجماعة الإسلامية» في عضوية المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى عن عكار مكان «الجامعة المرعبية» و»تيار المستقبل» اللذين اختارا في المرة الماضية وسيم المرعبي، وأظهرت النتائج الحالية بحسب المعطيات أنّ الهيئة الناخبة أصبحت أكثر تحرّراً في الإختيار منذ انكفاء «المستقبل» عن العمل السياسي.
في طرابلس
أما في طرابلس فقد أدار الدكتور ربيع دندش العملية الإنتخابية مكلّفاً من المفتي دريان، وانطلقت بالجلسة الثانية عند العاشرة بعد توفّر النصاب المطلوب، وكانت أمورها أكثر وضوحاً من معركة عكار حيث شكّلت لائحة موحّدة من عدة أطراف جعل النتيجة شبه محسومة بنسبة كبيرة.
قرابة الساعة الثالثة والنصف انتهت عملية الفرز، وأظهرت النتائج النهائية تعرّض لائحة التوافق السياسي المسماة لائحة «الثقة والإنماء» لخرق بمقعدين. وشارك في العملية الإنتخابية في دائرة طرابلس التي تضم أيضاً قضاء المنية - الضنية، ولها 7 مقاعد، 125 ناخباً من أصل 134 حيث فاز كل من الشيخ فايز سيف 99 صوتاً، الدكتور بلال بركة 81 صوتاً، أحمد الأمين 74 صوتاً، مظهر الحموي 71 صوتاً، أسامة طراد 65 صوتاً، وائل زمرلي 60 صوتاً ومنذر حمزة 60 صوتاً.
وفي قراءة لظروف الإنتخابات ونتيجتها، فإنّ الأصوات المطالبة بعدم تدخّل السياسة، لم تجد أي صدى، وتشكّلت لائحة التوافق السياسي التي لاقت اعتراضات، ولا سيما من النائب اللواء أشرف ريفي الذي رفض منطق التعليب. بحسب النتائج النهائية فإنّ النائب فيصل كرامي قد عزّز حضوره في المجلس الشرعي الأعلى بعضوين (أحمد الأمين ومظهر الحموي)، كما أظهرت انكفاء الرئيس نجيب ميقاتي وخسارة مرشح نائب الضنية جهاد الصمد، في حين أنّ خرق اللائحة التوافقية جاء لمصلحة اللواء ريفي ورافضي لائحة التوافق.
تجدر الإشارة إلى أن الإنتخابات في الشرعي الأعلى بنتائجها في الشمال أظهرت أن السياسة لا تزال تحسم المناصب الدينية، ولو ادّعى بعض الأعضاء في دائرة طرابلس استقلاليتهم، وأنّ انكفاء «المستقبل» عن الساحة السنّية جعل «الجماعة الإسلامية» تستعيد زخمها، وغيابه الحالي يعوّضه نواب المنطقة بالسياسة ودار الفتوى كغطاء ديني، وإن بقي لـ»الأزرق» مقعد هنا أو هناك، فإنّ ذلك لا يعني شيئاً في الحسابات بعدما كانت هذه المجالس تحسب له بكلّيتها.