خطوة بري التراجعية تَحفُّز لما سيستجد!
مرسال الترسعجنت السنوات الإحدى والثلاثين التي أمضاها المحامي والنائب نبيه بري في رئاسة مجلس النواب اللبناني وخبزته في كيفية التعاطي مع السياسة اللبنانية وزواريبها، ومع مختلف الأفرقاء السياسيين على الساحة اللبنانية الذين منهم مَن يتعاطى بمصداقية ومبدائية مع الظروف مهما تبدلت، أو الذين يناورون وفق ما تقتضيه مصالحهم.
حتى بات يوصف بالأكثر حرفية بين أقرانه، والقادر على إبتداع المواقف غير المتوقعة، بغية إستحضار الحلول الملائمة للجميع، ولذلك توافق الأضداد على أنه الأكفأ في "إخراج الأرانب من أكمامه".
واذا كنت معه في السياسة أو مناهضاً له فلا تستطيع إلاّ أن تحترم أدائه في التخريجات المعقدة.
وقد سُلطت عليه الأضواء في الفترة الأخيرة بعد مرور عشرة أشهر على الفراغ في رئاسة الجمهورية.
كي يستنبط إقتراحاً يساعد على الخروج من الدوامة التي وقع فيها الموفدون الأجانب، ليس إبتداء من الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، ولا إنتهاء بالموفدين القطريين المعلنيين منهم او الذين يعملون تحت الأضواء، وإزاء تشبث مختلف الأفرقاء بمواقفهم، وبعد سقوط إثنتي عشرة جلسة إنتخاب في دوامة التعطيل،خرج بمبادرة حوارية تقول بإجراء حوار لمدة سبعة أيام ينتهي بفتح الجلسات النيابية حتى إنتخاب الرئيس الرابع عشر للجمهورية في لبنان. بظنٍ منه أنه يلائم مطالب المعارضة قبل الممانعة.
ولكن كعادة الأفرقاء اللبنانيين الذين يبرعون في الإختلاف على جنس الملائكة (وتحديداً بعض الزعماء والقادة المسيحيين)، وبعد مسارعة بعضهم الى تأييد الفكرة، أعادوا النظر في مواقفهم وحساباتهم ليتلاقوا على رفض السير بالفكرة.
لأنها ستُسجل إنتصاراً للفريق الذي ينتمي إليه الرئيس بري، ولقناعتهم بأن الحل الأمثل هو في الذهاب إلى جلسات الإنتخاب بدون أي حوار.
وإزاء ما إستجد، ولأن رئيس حركة "أمل" لا يرى ضيراً في إعادة النظر بما يقترح، سارع مطلع هذا الأسبوع إلى الإعلان عن أنه: "قد أدّى قسطه للعلى"، وسحب مبادرته من التداول، مؤكداً إستعداده للتعاون مع أية مبادرة خارجية، وطالباً من المعارضين إقتراح البدائل إذا كانت متوافرة لديهم.
وآخذاً عليهم الإلتزام بأي أجنبي يؤشر لهم من منطلق أن "الكنيسة القريبة لا تشفي"، مجدداً إلتزامه بدعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بدون وجود خطة بديلة حتى تاريخه.
ومن يعرفون "الإستيذ" جيداً يدركون "أنه لا يحلو بالرّص"، وإذا كان الذين إعتبروا تراجعه إنتصاراً لمواقفهم (التي لا تخلو من كيدية سياسية) – ومنهم على سبيل المثال لا الحصر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع - فإنهم سيفاجئون أنه سيكون "سيد اللعبة" مهما تبدلت الأوجه والظروف، وهذا ما خَبِره العديد من المتابعين له في العقود الثلاثة المنصرمة.