جان خضير طرائفه وقفشاته ولكنته ماركة مسجلة بإسمه
بقلم روبير فرنجيةإنتهج الممثل جان خضير منذ بداياته خطاً كوميدياً لم يتنازل عنه ولم يغامر في التراجيدبا لأجله .
إبن بلدة علما الزغرتاوية ضاقت به مسارح الشمال المناطقية ولو كان محظوظاً لكان أحد كاركتيرات فرقة أبو سليم الشمالية الثابتة والشهيرة لاسيما بكاركتير أنطون وهو من إختراعه .
جان خضير إستطاع أن يبذل جهداً بفرادته ويتميز بلكنته ولا نبالغ ان قلنا أنه وحده من الكوميديين يؤدي اللكنة الزغرتاوية بعمقها السرياني فيما غيره يحاول تقليد جان خضير ويبالغ بها حتى السخافة .
خرج خضير من زغرتا إلى تلفزيون لبنان في الحازمية وتلة الخياط بأعمال كثيرة ووفيرة ربما أشهرها أربعة أدوار راسخة في أذهان المشاهدين هي :
- التلميذ جان الذي بخطف معلمته هند أبي اللمع في مسلسل " المعلمة والأستاذ " للراحل أنطوان ريمي إخراجاً والمرحوم ابراهيم المرعشلي بطولة وكتابة .
ومن منا ينسى صورته المضحكة يحمل محفظة المدرسة على ظهره كما تلاميذ الصفوف الحضانية .
- دوره " عساف المعلم " الذي يعاني من الخرف وينتقم من " نهلا راشد " ( رلى حمادة ) في مسلسل " نساء في العاصفة " للكاتب شكري أنيس فاخوري وفيه أصبح له محطة كلام " نهلا انبطحي " بعد أن اختاره للدود المخرج باسم نصر وكان يفترض أن يظهر بست حلقات فجعله نجاحه يطل بستين من أصل ١٨١ حلقة .
- الدور الثالث وليس له أي بعد كوميدي هو مسلسل " ذكرى " الذي جمعه بأبنة منطقته الممثلة داليدا خليل على شاشة الLBCI .
- دوره في مسلسل " غداً يوم آخر " الذي عرض على الMTV قبل أقفالها .
خضير الذي لعب في مسلسل ذكرى من كتابة ريتا برصونا دور العشيق المغتصب والمنتقم كان من أدواره التلفزيونية القوية والمؤثرة ، حتى قيل له :" إرحم الممثلة داليدا خليل فأنت من علما وهي من مزرعة النهر أي من قضاء واحد " فكان يرد ضاحكاً " أولاد المزارع لا يحبون بعضهم " .
الأعمال التي ذكرناها لا تلغي بروزه في مسلسلات اخرى مثل : لا تقولي وداعاً - بربر اغا - عيلة الشوبكلي -أربع مجانين فارس أبن أم فارس و٣٥ مسلسلاً وثلاثة أفلام و١٧ مسرحية من الشمال مع فرقة شربل وانطوان النعيمي في : كرباج الحق - نسونجي بس مهذب - خلوا نسوانكن بالبيت وصولاً الى بيروت في مسرحيات للراحلين : وسيم طبارة وابراهيم المرعشلي ...
جان خضير الذي إستطاع أضحك من أضحكت الملايين عنينا الراحلة فريال كريم حين مثل أمامها تميز بتقديمه المهرجانات والحفلات وبأطلاق الطرائف التي لها خصوصية مناطقية ولو توفرت له الظروف الانتاجية في الحرب كان طرق باب المونولوج .
جان خضير مولع بالسياسة ودخل مجلس بلدية بلدته " علما " الزغرتاوية كنائب للرئيس وخاض الانتخابات النيابية مرة بالشكل والدعابة ، مرتدياً الزي الفولكلوري ومطلقاً شعار " أنتخبوا الذي يمثل لكم ولا يمثل عليكم " .
جان خضير الذي يقول بأن صديقه الممثل إبراهيم المرعشلي كتب أربع حلقات من الجزء الثاني من " المعلمة والاستاذ " لكنه لم يبق من نجومه سواه والممثلة ليليان نمري ( عفو )
كان يتمنى قبل رحيله أن تسعف الممثل الكبير أنطوان كرباج ظروفه الصحية ليبصر النور الجزء الثاني من " بربر اغا " حيث سيكون " سكرج " الشخصية التي جسدها الراحل فيليب عقيقي بالجزء الاول .
في حديث أخير له قبل أن يرحل ترحم على أصدقاء رحلوا : أنطوان ريمي وجورج يمين وشربل النعيمي وشقيقه أنطوان وألبير حرب ويقول : كانت في الشمال مسرحيات ومسارح وأيام .
وجاءت الكورونا وتسللت الى بلدة علما زغرتا ولم ترحم لا الوزير والنائب السابق جان عبيد ولا صديقه جان خضير .
كان جان مثل الفنانة ناريمان عبود ضحية هذا الوباء .
رحل ولم يتمكن رفاق دربه من القاء النظرة الاخيرة عليه .
الذين رثوه من كبار اهل الفن لم يكن عددهم قليلاً ، كتبوا مشاعرهم النبيلة بحبر الدموع .
أسرته غرست تمثالاً له في حديقة منزله بازميل الفنان طوني فرح الذي قال له مرة ممارحاً : حين أموت صمم لي نصباً لكن قامتي تحتاج الى صخرة كبيرة ( بضحكة كبيرة ) .
إحتفال إزاحة الستارة عن التمثال والكلمات والقصائد التي ألقيت عوضوا غياب أهل الفن في جنازته .
جان خضير الذي كان يشارك بحمل نعوش الفنانين أيعقل أن تمنع الكورونا اللعينة أي فنان من المشاركة بحمل نعشه ؟!
في عيد ميلاده أرزة باسمه غرست في غابة الفنون في جوار محمية اهدن وكانت لفتة وفاء له .
وماذا يمنع من غرس أرزة ثانية في جبل نوبل الشاهد على أحلامه وشهرته ؟
جان خضير موهبة كوميدية لن تتكرر في التلفزيون والمسرح وفي ليالي الشمال السعيدة .