لودريان يُغادر والبخاري يستلم الدفّة والنوّاب السُنّة مشرذمين
17 أيلول 2023

لودريان يُغادر والبخاري يستلم الدفّة والنوّاب السُنّة مشرذمين

عبد الكافي الصمد

كما كان متوقعاً، غادر الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان إلى بلاده، في ختام جولته الثالثة، من غير أن يجني أيّ نجاح في مهمّته.
فلا هو إستطاع إقناع الفرقاء الذين التقاهم بوجهة نظره، ولا الفرقاء الذين زارهم أو زاروه في مقر سفارة بلاده في قصر الصنوبر تجاوبوا معه في مسعاه الذي تضمن تحذيراً واضحاً، مفاده أنّه إذا ما غادر وطوى مبادرة بلاده، فإنّ أحداً من الموفدين لن يأتي بعده في المدى المنظور.

في حقيقة الأمر لم يكن النجاح منتظراً من جولة لودريان الثالثة، بعد جولتيه في 26 حزيران و26 تمّوز الماضييْن على التوالي، حيث دلّت المواقف التطوّرات أنّ "طبخة" إستحقاق إنتخاب رئيس للجمهورية لم تنضج بعد، لا خارجياً حيث التوافق وكلمة السرّ ما يزالان بعيدا المنال، ولا داخلياً بعدما ظهر الإنقسام واضحاً حيال مبادرة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، إذ تبيّن أنّ الإنتظار هو سيّد الموقف، وأنّ الفراغ في كرسي رئاسة الجمهورية في قصر بعبدا سيبقى مستمراً لوقت ليس قصيراً، أقلّه حتى نهاية هذا العام.

وسط هذا التعثّر في المبادرات الخارجية والدّاخلية، برز حَراك سعودي لافت على السّاحة المحلية بدا واضحاً أنّه يهدف إلى أمرين: الأول وراثة الوساطة الفرنسية التي يبدو أنّها كتبت آخر فصولها مع مغادرة لودريان لبنان يوم الجمعة الفائت (15 أيلول الجاري)، والثاني القوطبة على الدور القطري الذي يحاول أن يدخل إلى لبنان ليثبّت حضوراً ويمارس نفوذاً لن يكون على الأغلب إلّا على حساب النفوذ السعودي في لبنان، الذي تراجع بعد انسحاب الرئيس سعد الحريري وتيّار المستقبل من المشهد السّياسي، ومحاولة الرياض إستعادة دروها المعهود بشتّى السُّبل.

هذا الحَراك السعودي تبدّى في دعوة نوّاب سُنّة إلى لقاءٍ في دارة سفيرها في بيروت وليد البخاري، بحضور لودريان ومفتي الجمهورية الشّيخ عبد اللطيف دريان، غاب عنه 6 نوّاب كلّ لأسبابه، ما أعطى إنطباعاً أنّ الخيمة السّعودية لا تتسع لكلّ مكونات الطائفة السنّية في لبنان، فضلاً عن أنّ من بين النوّاب الحاضرين من لا تمون عليهم المملكة في إلزامهم كلمة السرّ أو السّياسة السّعودية عندما يحين أوان الإستحقاق الرئاسي، وأنّ لكلّ من هؤلاء النوّاب حساباته وارتباطاته السّياسية التي لا تتوافق ولا تتقاطع، بالضرورة، مع الحسابات والمصالح السّعودية.

وظهر هذا الأمر خلال اللقاء الذي شابه توترٌ دفع نواباً إلى الإنسحاب منه تعبيراً عن إستيائهم ممّا شهده، بشكل أو بآخر، بعد ارتفاع حدّة السّجال بين المجتمعين، خصوصاً بين لودريان ونواب على رأسهم أشرف ريفي وبلال الحشيمي ووضّاح الصّادق، عارضوا بشدّة واضحة الدعوة إلى الحوار التي وجّهها لودريان وبرّي على حدّ سواء، مذكّرين بأنّ جلسات الحوار السابقة التي إنعقدت لم تؤدِ إلى أيّ نتيجة، إنّما على العكس حصلت بعدها أحداث 7 أيّار عام 2008، إضافة إلى ضرب إعلان بعبدا عرض الحائط، ورفض البعض الإلتزام به.
هذا التوتّر دفع لودريان، وفق متابعين، إلى التدخّل بانفعال، والردّ على رفض نوّاب الحوار لأسباب مختلفة، محذّراً إيّاهم من أنّ "رفض الحوار سيؤدي إلى حصول صدام"، ومذكّراً بما قاله لبعض من التقى بهم قبل مغادرته لبنان إثر جولته الثانية، من أنّه "إذا لم يحصل تجاوب مع المبادرة الفرنسية فعندها سأغادر لبنان إنّما لن يأتي أحدٌ بعدي، وعليكم عندها أن تدبّروا حالكم".

وكان لافتاً النبرة العالية التي خاطب فيها لودريان النوّاب الحاضرين، على مرأى ومسمع من البخاري ودريان، عندما قاله لهم: "أنتم في وضع سيىء للغاية، ولن يساعدكم أحد ولن تحصلوا على قرش من الدول التي كانت تدعمكم عادة.
إذهبوا واتفقوا وأخرجوا بلدكم من أزماته". 

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen