لماذا المعارضة الرافضة للحوار ضائعة ومشتتة؟
مرسال الترسيتفق المراقبون على أن المسرح السياسي في لبنان ينقسم إلى مشهدين: الأول تمثله قوى الثامن من آذار التي يحلو لمعارضيها إطلاق عليها تسمية فريق "الممانعة" التي بات محورها الثنائي الشيعي الذي أعلن صراحة أنه يدعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية (إلى يوم القيامة)، وكل يوم تشدّد على تمسكها بهذا الترشيح من منطلق أن صاحبه واضح في مواقفه لا يبيع ويشتري من تحت الطاولة إنما الذي في قلبه على لسانه وأنه لا يطعن في الظهر.
والمشهد التالي يمثله فريق يصر على تسمية نفسه بـ"المعارضة" وهو أبعد ما يكون عنها إزاء الوضع السياسي القائم، مع سعي للملمة مجموعة من الأضداد والأهداف المتناقضة.
سعت قبل سنة لأن تحمل مظلة رئيس حركة الإستقلال النائب ميشال معوض فوجدت نفسها بعد بضع جلسات إنتخابية أن مشروعها غير متناسق، وأن ما يضمره كل فريق للآخر لا يمكن أن يساعد على الإنصهار ، فبدأت بمراجعة الحسابات والمصالح ليحط بها الرحال في كنف الوزير السابق جهاد أزعور الذي طَرح إسمه بالأساس رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ناصباً فخاً لتلك المعارضة كي تأتي إلى ملعبه ومن ثم إنزلق إلى مكانه الأول وفتح صفحة حوار متجدد مع حليفه السابق الذي أمّن له على الأقل الحصول على بضعة نواب، فيما كان فريق المعارضة يشكك في نواياه حتى في اللحظات الحاسمة (وما زال).
الواضح أن المشكلة ليست بالأشخاص التي يمكن أن يقدم لها فريق "المعارضة" الدعم، بقدر ما هو ضعف الثقة بالنفس من إيصال أية شخصية إلى حيث تريد لأن كلاً من أفرقائها يعلن أمراً ويضمر عكسه، ويخطط لمشروع ويدمره في مهده، بعدما يكتشف أنه لا يحقق مصالحه الضيّقة، والتشكيك المفتوح الأفق بنوايا الآخرين حتى ولو كانوا من أقرب الحلفاء.
وظهر جلياً في الساعات والأيام الماضية أن تلك "المعارضة" مشتتة ومنقسمة إلى بضعة شراذم حول مبادرة حوارية فكيف على إختيار مرشح جدي؟
ولذلك يرى المراقبون أن "المعارضة" قد تنجح في رفض هذا الحوار أو ذاك إبتداءً من طرح الموفد الفرنسي جان إيف لودريان وصولاً إلى مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري وربما غداً سواه ولكنها ستفشل في إختيار مرشح (لأن كل زعيم منها أو قائد هو مرشح ولا تنازل) لذلك هي تراهن على أن يختار لها الخارج الذي تتضارب مصالحه إلاّ بما يخدم دولة الـــ عدو الـــاســــ رائـــ يلي "المرشح الملائم". ولذلك فقد سارع العديد من الذين يُعتبرون من ضمن كوادرها إلى التهليل والتصفيق لصورة عشاء نشرتها السفارة الأميركية في بيروت على هامش آخر زيارة للموفد الرئاسي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين! متناسين ومتجاهلين أن من يربح أخيراً هي المبادئ والثبات عليها وليست الصور وإستطلاع الأماكن السياحية!