أعطي خبزك لجورج خباز ولو أكل نصف العمل بحضوره
01 أيلول 2023

 أعطي خبزك لجورج خباز ولو أكل نصف العمل بحضوره

لا يفارق البترون وهو مفتاح بوابة إبداعها اليوم من دون منازع بقلم روبير فرنجية

لم نتوقع حين شاهدناه في مسلسل " نساء في العاصفة " ولا حين أستظرفناه منشداً " فش خلقك فش " أنه سيفش لنا خلقنا ويخرق ليس حدود المدفون فحسب بل حدود الوطن ليصبح نجماً عربياً بعرق أقلامه وموهبته الإستثنائية .
هو مثلنا يقول عن نفسه أنه نتاج نضالات في الفن ولم يسعفه الحظ ولم يخلق وملعقة التمثيل الذهبية في فمه مع أن والده ممثلاً في مسرحية " سهرية " لزياد الرحباني .
صحيح أن جورج خباز إبن بيئة تمثيلية و" الصبي لو بار بيطلع تلتينو للخال " عنينا خاله الممثل غسان عطيه لكنه لم يرث من والده عقاراً فنياً أو مفتاح تلفزيون أو شباك تذاكر مسرح .
تواضعه ونظافة كفه وتعدد وزناته هم علاقة مفاتيح نجاحه المتشعبة.
حين بدأ يشق رحلة نجاحه تحولنا مثل الأهل حين يشبهون مواليدهم الجدد .
بعضنا يشبهه لنبيه أبو الحسن ( أخوت شانيه ) ومنهم من يراه " شوشو الإين " والبعض الآخر يراه شارلي شابلن العرب أو دريد لحام لبنان ، لكن كل تشبيهاتنا أجهضت حين أصبح جورج خباز هو جورج خباز .
تعلق هذا " المسرحجي " بالمسرح ووقع بغرام خشبه وستائره وإنارته وكواليسه وغيرته .
غار التلفزيون من هذا الغرام رغم أنه حاول ترضيته بسيدكوم طويل بقي من الأنجح تلفزيونياً هو " عبدو وعبدو " وحاول أخذه إلى السينما مع شريكه في النجاح بورغو شلهوب لكن ليس كل ما يتمناه خباز يدركه …
ساعة بالإذاعة كان ناجحاً في التلفزيون لكن ليس بمقدار الأول فيما تجربته التراجيدية بطلاً لمسلسل " إلى يارا " كان مقبولاً وربما كان أحد أسباب لعب دور البطولة أنه من كتابة شقيقته الممثلة لورا مع شريكتها الممثلة فيفيان أنطونيوس لكن " تقريباً قصة حب " الذي كان أسمه الأول " ورثة خالي " و"القناع " بقيا قناعاً وليسا إقتناعاً قياساً إلى ما كان يشهده مسرحه من تفوق جماهيري شعبي ونخبوي في آن .
في السينما تعددت تجاربه الجادة ولكن لفيلم غدي نكهة نجاح لن تتكرر .
هذا الفيلم الذي حمل أحد شوارع البترون إسمه بعد أن صورت بعض مشاهده فيه أصبح حديث كل الشوارع وقضية كل الجمعيات المؤمنة بقضايا أطفال التوحد وذوي الحاجات الخاصة .
لم تكن المرة الأولى التي يضع فيها جورج خباز إصبعه على هذا الجرح الذي ينزف إنسانية فهو قبل الفيلم قدم تلفيلم بعنوان " يوماً ما " عن زوج يناضل مع زوجته ( "برناديت حديب ) التي تعيش بين الحياة والغيبوبة . 
مسرح جورج خباز الذي أصبح رمزاً لفرح العائلات ومصدراً لتمويل الجمعيات والأخويات ومدخولاً ثابتاً للممثلين المخضرمين والشباب وموضوعاً لدراسات وأطروحات الخريجين الجامعيين وتعويضاً عن غياب المسرح الوطني أقفلته الكورونا مرة وعناد جورج مرة ثانية .
هذا المسرح الذي إسمه في قاموس الأسماء المسرحية الشائعة " شاتو تريانو " وفي المنطق مسرح " جورج خباز " يرفض صاحبه إعادة إفتتاحه ليكون مسرحاً  بورجوازياً أو طبقياً أو للأثرياء .
فالضحكة للفقراء والأغنياء في آن ، لطبقة الحد الأدنى للأجور وللمواطن المقهور وللمواطن الميسور والمسرور .
وعاد جورج خباز إلى التلفزيون كاتباً وبطلاً في مسلسل " براندو الشرق " في ثنائية دسمة جمعت قامة كوميدية سورية بقامة كوميدية لبنانية في صلب التراجيديا .
أمل عرفه التي قالت لي يوماً : أغار من عقل جورج خباز تميزت تجربتها معه فصفقت لهما كاريس بشار التي سرعان ما وقفت قبالته في رمضان السنة في مسلسل " النار بالنار " .

لا يهمني أن جورج خباز كان البطل اللبناني الوحيد بل يهمني ما قاله نجوم سوريا عن هذا اللبناني من كلام منطقي وجوهري ومن ثناء لافت .
جورج خباز في تقديمه ليالي المهرجانات من جرد البترون تنورين إلى ساحله إلى إهدن وأهدنيات التي له في غاباتها شجرة تحمل إسمه إلى بعلبك ، يتفرد بما يبدع فيه.
أغنياته المقطوفة من بساتين مسرحياته أصبحت نشيداً في الأفراح والمناسبات الوطنية والمصيرية .
مع كل المخرجين ينسحب من عباءة المخرج التي يرتديها .
مع كل الكتاب يخلع معطف الكاتب الذي يليق بكتفيه .
مع كل الملحنين والشعراء والموزعين يترك اللحن والصوت ويبقى الصدى حليفه .
مع أمين درة في " غدي " ومع فيليب عرقتنجي في " تحت القصف "في السينما ومع محمد عبد العزيز.
في " النار بالنار " وشارل شلالا في " القناع "  ومع المخرجين من خارج الحدود وداخل الجغرافيا اللبنانية يبقى جورج خباز إسماً يثري ويغري .
جورج يثري بحضوره ويغري إسمه لتبني أي عمل يصح فيه ما قلناه له يوماً ؛ أعطي خبزك لجورج خباز بيطلع العمل ممتاز !




 

1

1

 

 

 

 

 

 

1

 

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen