أزمة الملف الرئاسي داخلية قبل أن تكون خارجية!
مرسال الترسيكاد يجمع المراقبون على أن جذور أزمة الفراغ في الإستحقاق الرئاسي في لبنان الممتدة منذ عشرة أشهر بالتمام والكمال هي داخلية بإمتياز وليست خارجية إلاّ بالقدر الذي يتيح فيه اللبنانيون لأهل الخارج أن يتدخلوا في شؤونهم، من منطلق أن كل فريق يستنجد بأحد الأفرقاء الخارجيين (وهذه عادة متأصلة في نفوس القاطنين على أرض لبنان ليس الآن فقط، ولكن على الأقل منذ وجود مدينة عكا وواليها وصولاً الى المتصرفية مروراً بكل محطات التنافس بين أهل هذه الأرض).
فصحيح أنه قد تكون هناك صراعات خفية بين الدول الخارجية الطامعة بثرواتنا الواعدة، وعلى هذه الخلفية تتسابق العديد من وسائل الإعلام على الحديث عن تجاذبات أميركية فرنسية حول الملف اللبناني.
فباريس تعيش على تاريخ العلاقة الوثيقة مع بيروت، فتستفيق في بعض المراحل لتستعيد أمجادها فتصطدم بالرغبات الأميركية (ومعها بعض العواصم الأوروبية) في تقديم مصالح الــــــ عــــــ دو الـــــاســـــ رائــــــ يلي على كل ما عداه في منطقة الشرق الأوسط، وفي كل مفصل محوري نرى موفداً أميركياً فاعلاً يسارع في الحضور إلى العاصمة اللبنانية وآخرهم آموس هوكستين (واللافت هنا أن معظم أولئك الموفدين لهم جذور يهودية ويحملون بالطبع الجنسية الأميركية) للعمل على معالجة أي مشكلة طارئة، وغالباً ما ينجحون.
وهذا الإعلام نفسه تحدث في الأيام الماضية عن خلافات بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان وخلية قصر الإليزيه المكلفة متابعة التشابكات اللبنانية ليتبين في معظم الأحيان أن هناك تمنيات أكثر من معطيات مما يشير الى غرف محددة تنشط في تعميم معلومات مسمومة عند بحث أية حيثيات مستجدة.
ولكن الأصح أنه لو كان فعلا مجلس النواب اللبناني "سيد نفسه" كما يعكف المسؤولون اللبنانيون على ترداد هذا الشعار ، لكان أعضاؤه قد أقدموا على إتخاذ ما يلزم من قرارات جازمة في أية قضية وطنية بدون إنتطار أية إشارة تخدم هذه الجهة الإقليمية أو ذاك المرجع الدولي.
وفي هذا السياق تساءل المتابعون عن حقيقة الموقف الذي يختمر في ذهن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي يقطع خطوطاً مع حـــــ زبـــــ الــــلــــ ه الذي دعم منذ أشهر من ضمن "الثنائي الشيعي" ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ويتقاطع (باسيل) بخطوط أخرى مع من يطلقون على أنفسهم تسمية المعارضة، ثم يعود فيتخلى عن ذلك التقاطع حول الوزير السابق جهاد أزعور ليعود فيفعّل حواره مع حـــــ زبـــــ الــــلــــ ه من دون أن يتضح أفق النهاية في ما يسعى إليه.
وعلى هذه الخلفية يطرح المراقبون المعادلة التالية: أليس باسيل مسؤولاً عن عشرة أشهر من الفراغ القاتل والذي قد يمتد أشهراً مماثلة أو سنوات أخرى لو أنه حسم أمره في أي إتجاه تخدم الرياح مراكبه لدى أي من الفريقين.
ألم يكن قد وفّر على الشعب اللبناني المزيد من تداعيات الأزمات التي أوصلت اللبنانيين الى أبعد من جهنم؟