إلى فلسطين .. فإنها المطهر
بقلم الأستاذ ناصر الزنطهذا العنوان يحمل في طياته نداء و دعوة و نصيحة في آن معاً وهو صالح في الأمس و اليوم و غداً ، و هو مقتبس من مقالة كتبها أخي الكبير الــشـــــ هـــ يد الدكتور
عصمت المراد و هو المقال الرئيسي لنشرة صوت الشبيبة الوطنية و الصادرة عن حركة لبنان العربي - إتحاد الشبيبة الوطنية في عددها الأول بتاريخ ١/٥/١٩٧٩
و الدكتور عصمت من مواليد العيون - عكار ، إختصاص طب عام و جراحة عامة ، إنخرط في العمل السياسي باكراً و إنتقل من الماركسية الماوية و اليسار إلى التيارات القومية و الوطنية ثم إنتسب إلى حركة فتح و أصبح من كوادرها البارزين، و شارك في الحرب الأهلية و جرح فيها و قد كان صديقاً لشقيقي الأكبر شوقي و الذي إستشهد أيضاً في الحرب الأهلية و لكنهما لم يشاركا في تلك الحرب من خلفية طائفية أو مذهبية بل على خلفية الدفاع عن الثورة الفلسطينية و سلاحها و عن عروبة لبنان ووحدته .
و قد بادر الدكتور مع إخوانه و رفاقه في الشمال و في سائر المناطق اللبنانية إلى الإنتقال إلى الجنوب مع أول بارقة أمل بوقف الحرب الأهلية نهاية ١٩٧٦ حيث تقاطرت المجموعات من حركة لبنان العربي و اللجان الوطنية في بيروت و البقاع و جبل لبنان إلى الجنوب، إلى بنت جبيل و مارون الراس و رب الثلاثين.. على تخوم فلسطين و كانت سريّة بنت جبيل ضمن إطار كتيبة الجرمق أو الكتيبة الطلابية و التي كانت الذراع المسلح او الـــــ مــــ قــــ اوم لتيار فلسطيني - لبناني وعربي (ضمن حركة فتح ) و كان المعبر عنه أو قلمه او الناطق بإسمه المفكر الفلسطيني المعروف منير شفيق (مدير مركز التخطيط في منظمة التحرير الفلسطينية حينها) و الذي انتقل مع معظم إخوانه و منهم الدكتور عصمت إلى أرض الإسلام عقب إنتصار الثورة الإسلامية في إيران
و قد إنخرط الدكتور عصمت في حوار مع الشيخ سعيد شعبان و الشهيد خليل عكاوي(ابو عربي ) رحمهم الله تعالى أجمعين و ذلك عقب الإجتياح الـــــصـــــ هــــــ يوني عام ١٩٨٢ فكانت إنطلاقة حركة التوحيد الإسلامي لمواجهة الـــــاحــــــ تــــــ لال و نتائجه و ليس بدافع المواجهات الداخلية و حروب الزواريب ، علماً أنه قد سبق إعلان التوحيد مصالحة بين التبانة و جبل محسن برعاية كل من الشيخ سعيد و الدكتور عصمت الذي إستشهد مطلع آب ١٩٨٤ و ذلك لما كان يحمل من أفكار و مشاريع لتوحيد الصفوف و القوى الإسلامية ضمن تيار إسلامي ثوري جهادي متعالي عن العصبية و الحزبية و المذهبية .. لمواجهة الـــــ صــــــ هـــاينة و عملائهم .
وقد أنهى الدكتور عصمت مقالته بقوله، إلى فلسطين..إنها المطهر و الكاشف لكل سلبية و لكل معتقد ، لأنها طريق الخلاص .. و كأنه يقول لنا ، إن العودة إلى توحيد الصفوف و القوى في مواجهة الــــ عـــــ دو الـــــصـــــ هــــــ يوني و الخروج من دائرة الحروب الداخلية كالتوبة من الخطأ و الطهارة من الذنوب و الآثام ، لا بل هي الحكم على صحة الإنتماء العقائدي و صدقه ، فلا وطنية ولا عروبة و لا التزام إسلامي حقيقي من دون تبني قضية فلسطين و العمل على تحريرها و كان المقال قد تضمن إشارات إلى عمليات مواجهة حصلت آنذاك في نهاريا و حيفا و تل أبيب..
و ها هي فلسطين اليوم متوهجة في نضالها و جـــــ هـــــ ادها و ترتسم في ساحاتها و ميادينها ، في المخيمات و المدن و القرى و البلدات و الحارات .. صوراً من البطولة و الفداء و التضحية .. عزّ نظيرها .
حيث يسطر أبناء فلسطين الاشاوس رجالاً و نساء ، شباناً و شابات حتى الأطفال و العجزة و كذلك الأسرى في السجون ملامح من التضحية و البأس و الأمثلة كثيرة و يومية من حوارة إلى كريات أربع في الخليل إلى القدس و طولكرم و جبع و نابلس و جنين و ما أدراك ما جنين .
فما من يوم يمر دون إشتباك أو مواجهة حيث بلغ عدد القتلى من المستوطنين منذ بداية هذا العام أكثر من ٣٥ قتيلاً ، و قد سجل على سبيل المثال لا الحصر ٢٥٥ عملاً مـــــ قـــــ اوماً في حوارة و نابلس منذ مطلع هذا العام ( إطلاق نار و دهس و طعن و حرق منشآت و آليات عسكرية...
هذا في حوارة فقط، و مثلها أمثال ، فما من يوم إلا و تشهد الضفة عشرات المواجهات و العمليات الفدائية ، الأمر الذي يحتاج لبحث طويل .. نشير هنا إلى بعض المؤشرات الهامة و الجديدة ، إطلاق صواريخ و تفجير عبوات محلية الصنع و الأهم من كل ذلك ظاهرة مخيم جنين و مثيلاتها حيث الظهور المسلح و العلني في أكثر من منطقة من مناطق الضفة حتى أصبحت مناطق شبه محررة .
و لكن للأسف الشديد، يسعى الـــــإســــــ رائــــ يلي و من خلفه الأمريكي لإشغال الساحة الداخلية الفلسطينية و إفتعال حال من الإقتتال لإيهام السلطة بدعمها و الوعد بتوسيع صلاحيتها و تعزيز إمكانيتها لدفعها إلى ممارسة أعمالاً تؤدي إلى صدام فلسطيني داخلي، و قد سجل منذ مطلع العام الجاري ٧٢٧ عملية إعتقال سياسي للسلطة في مناطق الضفة و كما لاحظنا ذلك في جنين و ضد أبطال كتيبة جنين و غيرها ولولا الصبر الإستراتيجي و الوعي الكبير لدى الــــــ مــــــ قاومــــ ين و الفصائل لانحرفت البوصلة عن مسارها الصحيح و خرجنا من دائرة الطهر و الطهارة التي ندعو إليها و نتشبث بها لا سيما و نحن على مسافة أيام من ذكرى حرب لبنان الثانية و التي بدأت في ١٢ تموز و إنتهت في ١٤ آب ٢٠٠٦ فلن ننسى عملية الوعد الصادق و لا المفاجآت من ساعر التي رأيناها تحترق في عرض البحر و لا مجازر الميركافا في سهل الخيام و وادي الحجير ولا الطائرة العسكرية في ميفدون و لن ننسى الصواريخ التي بلغت حيفا وما بعد بعد حيفا .
فكل التحية للـــــــ مــــــ جــــاهدين البواسل في لبنان و فلسطين ولنا معهم و مع نضالهم وقفات قادمة على طريق الطهر و الخلاص و العزة و الكرامة.