تحوّلات كبيرة ومستقبل غامضٌ بإنتظار لبنان في الأيّام المقبلة
عبد الكافي الصمديفتح يوم الإثنين (31 تمّوز 2023) الباب واسعاً أمام مرحلة جديدة من التطوّرات لم تتضح معالمها وتحوّلاتها بشكل نهائي بعد، وإنْ بدأت بعض ملامحها بالظهور، بعدما أن يكون الأسبوع الذي سبقه قد أقفل على مرحلة مختلفة كليّاً عن ما سبقها في أحداثها وتداعياتها.
تطوّرات هذه الأيّام التي تجمع بين نهاية شهر تمّوز وبداية شهر آب جاءت حافلة على أعلى المستويات، سواء التطوّرات والمستجدات والمواقف، أو إستحقاقات وتطوّرات ما مرتبطة بشكل أو بآخر بالواقع الصعب والمعقّد الذي تعيشه البلاد.
أوّل هذه التطوّرات وأبرزها هو مغادرة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مكتبه وموقعه يوم الإثنين، بعد نهاية ولاية إستمرت 30 عاماً، بكلّ ما حملت من سياسات نقدية إتّبعها خلال فترة ولايته، وأثارت الكثير من الجدال حولها، خصوصاً في آخر سنوات ولايته التي ترافقت مع إنهيار غير مسبوق في قيمة الليرة اللبنانية، وفي إنهيار القيمة الشّرائية لها، مع تحميل القسم الأعظم من اللبنانيين لسلامة الجزء الأكبر من هذا الإنهيا،ر الذي يرى كثيرون أنّ حاكم المصرف المركزي لم يكن أكثر من واجهة لطبقة سياسية ومالية تتحمّل هي مسؤولية هذا الإنهيار مع كلّ تبعاته.
وفي حين لم تتضح بعد ما هي السّياسة النقدية التي سيتّبعها مصرف لبنان في المرحلة المقبلة، ولا التطمينات الممكنة في تبديد المخاوف حيال مستقبل الليرة اللبنانية، إثر طوي صفحة التجديد لسّلامة في منصبه إلى حين تعيين حاكم جديد بعد أن تبيّن أنّ هذه الدعوات لقيت رفضاً واسعاً، داخلياً وخارجياً، وبعد أن طويت أيضاً صفحة إستقالة نوّاب الحاكم الأربعة، أو بعضهم، حيث يبدو أنّ الأمور قد رسيت على أن يتولى هؤلاء النوّاب، وتحديداً النائب الأول وسيم منصوري، تصريف شؤون المصرف والسّياسة النقدية إلى حين تعيين حاكم جديد خلفاً لسلامة، وهو تعيين مرتبط أساساً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية ينهي الفراغ في قصر بعبدا المستمر منذ 10 أشهر.
ثاني هذه التطوّرات تمثّل في الموقف المستجد واللافت الذي عبّر عنه رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل، الذي أبدى إستعداده بعد عودة قنوات التواصل بينه وبين bzh الله، في "مقايضة" موقع رئاسة الجمهورية بعدّة أمور، أهمها إقرار قانوني اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة، والصندوق الإئتماني، ما فتح باب الإجتهادات السياسية على مصراعيه، لجهة أنّ رئيس التيار البرتقالي قد "تنازل" عن معارضته تأييد الحزب والحلفاء إنتخاب رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، وهو "تنازل" يحتاج إلى ترجمته عمليّاً، لإنهاء أزمة الرئاسة الأولى المفتوحة على المجهول منذ نهاية ولاية الرئيس السّابق ميشال عون.
ثالث هذه التطوّرات كان في مغادرة الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان البلاد، بعد جولة أولى قام فيها في شهر حزيران الماضي، وتأكيده خلال الجولة الثانية بأنّه عائد في شهر أيلول المقبل ليعقد جلسات تشاور مع الفرقاء اللبنانيين في مقرّ سفارة بلاده في قصر الصنوبر، تمهّد حسب قوله لانتخاب رئيس للجمهورية، طالباً من المسؤولين إغتنام ما أسماه "الفرصة الأخيرة" قبل ترك البلاد إلى المجهول مجدّداً، وأن "يدبّروا أمرهم" كما حذّرهم.
رابع هذه التطوّرات مرتبط بالذكرى الثالثة لإنفجار مرفأ بيروت التي تحلّ في 4 آب، وهو موعد له تداعيات متشعبة، سياسياً وأمنياً وشعبياً، ينتظر أن تنعكس في أكثر من إتجاه في الداخل، وأن يجري إستغلالها لهذا الغرض.