كفاكم متاجرة بالنازحين ..إتفقوا قبل أن يتحولوا إلى مواطنين!
مرسال الترسمسألة النزوح السوري إلى الأراضي اللبنانية والتي بدأت "بشائرها" قبل إثنتي عشرة سنة بسبب الحرب الكونية على سورية لم تكن صدفة أو بنت ساعتها.
إنما هي مدروسة بحنكة ودهاء وخبث درجت عليه دوائر القرار الإستخباراتي منذ أيام الإستعمار والإنتداب وصولاً إلى القطب الدولي الواحد بعد سقوط الإتحاد السوفياتي والذي باتت تتحكم به دوائر الصهيونية العالمية وتسيّره وفق مخططاتها.
المؤلم أن هناك أفرقاء على الساحة اللبنانية تصرّفوا بغباء غير محدود إما عن جهل لأنهم لم يأكلوا الضرب وحدهم، بل أطعموه لكافة أفراد الشعب اللبناني.
أو عن قصد وقبضوا ثمن ذلك سلفاً (ومنهم من كان متصدراً في السلطة وبات اليوم خارج الصورة لألف سبب وسبب).
ولو أنهم قرأوا التاريخ جيداً – أو لعلهم إطلعوا عليه من باب الصدفة أيضاً – لكانوا تذكروا ما حصل مع الفلسطينيين قبل سبعة عقود ونصف، وكيف تحولوا من لاجئين إلى شبه مواطنين ينالون كل سنة أو كل مرحلة من الأحداث المدروسة والمؤلمة خطوة تقربهم من المواطنية الكاملة إن عبر العمل أو التسهيلات.
وبخاصة أنه لم يبق من أولئك الذين دفعوا بالقوة إلى اللجوء إلاّ القليل القليل في حين أن الأجيال اللاحقة إنخرطت وتنخرط تدريجياً في المجتمع اللبناني، ولم يعد يعنيها بما يحصل في قطاع غزة أو الضفة الغربية إلاّ اذا كان متصلاً بقريب لهم.
أما ما يتصل بالهجرة إلى بلاد الإغتراب البعيدة فحدّث ولا حرج عن نتائجها.
وفيما أنتم لاهون بخلافاتكم السياسية وصراعاتكم حول المناصب التافهة فإن الدول الغربية ابتداء من أميركا وصولاً إلى قبرص ومروراً بكل مجموعة الاتحاد الأوروبي تغدق الأموال والمساعدات على النازحين لكي تبقيهم على أرض لبنان وترسخ وجودهم أكثر فأكثر.
اذاً تذكروا جيداً ايها المسؤولون في لبنان (الذين لستم مسؤولين في الأساس حتى عن أنفسكم وأكبر دليل ما فعلتم بالأوضاع المالية في لبنان) أن خلافاتكم وصراعاتكم حول القشور ستنقل النزوح السوري مع مرور الزمن إلى حالة شبيهة باللجوء الفلسطيني (الذي رعته الأونروا واليونيسف وخلافها)، وستمر الأيام وتصبحون من المنسيين مثل أولئك الذين تعاملوا مع اللجوء الفلسطيني قبل خمسٍ وسبعين سنة، وقد رحلوا جميعاً عن هذه الأرض وتركوا لنا يُطلق عليهم تسمية اللبنانيين "هدية" ملغومة لن يستطيعوا التخلص من آثارها حتى لو قبلوا أفضل أنواع التطبيع مع العدو الإسرائيلي!