النوّاب السنّة خارج لقاءات الموفدين وإهتماماتهم
24 تموز 2023

النوّاب السنّة خارج لقاءات الموفدين وإهتماماتهم

عبد الكافي الصمد     

في 3 نيسان الماضي جال الموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي على مرجعيات وشخصيات سياسية ودينية لبنانية، كان لافتاً فيها أنّه أسقط منها الإجتماع مع أيّ شخصية سياسية سنّية، بالرغم من أنّه التقى شخصيات سياسية ودينية من بقية الطوائف، بإستثناء لقائه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، إلا أن إجتماع بهما كان لأنّهما يحتلان موقعاً وظيفياً أكثر من كونّهما مرجعية سياسية لها اعتبارها ووزنها وتأثيرها.


بعد أن غادر الموفد القطري لبنان أبدت تسريبات ومواقف نوّاب وقيادات سياسيّة سنّية إستيائها من تجاهل الموفد القطري لها، وإسقاطها من حسابه، وتراوحت هذه المواقف والتسريبات بين الإنتقاد والعتب، في تطور كشف ضعف وهزال التمثيل السنّي سياسياً في تركيبة البلد، لأول مرة في تاريخ لبنان منذ تاسيسه، وأظهر أيضاً أنّ إحدى أرجل وقواعد "طاولة" البلد تبدو وكأنّها  عمليّاً غير موجودة.


وبرغم أنّ الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلتقى شخصيات سنّية خلال جولته على نوّاب وقيادات سياسيّة مستطلعاً مواقفهم بملف إستحقاق إنتخابات رئاسة الجمهورية، ومستمعاً إليهم، فإنّ لقاءات لودريان مع هذه الشّخصيات السنّية بدت وكأنّها "رفع عتب"، أكثر من كونها إقتناع الزائر الفرنسي بثقل ووزن من التقى بهم، وتأثيرهم في ملف رئاسة الجمهورية وملفات أخرى.


تجاهل الموفدين للنوّاب والشّخصيات السنّية له أسبابه ودوافعه التي ليست خافية على أحد. ففي أعقاب الإنتخابات النيابية التي جرت في 15 أيّار من العام الفائت، أظهرت النتائج عن تفتّت السّاحة السنّية وانقسامها على نفسها، وضعفها، وهزالها، وتشرذمها بشكل لم تعرفه من قبل.


أبرز هذه الأسباب إنسحاب تيّار المستقبل ورئيسه الرئيس سعد الحريري من المشهد السّياسي اللبناني، بطلب وضغط سعودي، رافقه إعلان رؤساء الحكومات السّابقين عن إنسحابهم أيضاً وعدم خوضهم الإنتخابات النيابية، ما ترك السّاحة فارغة لشخصيات ووجوه جديدة لا تملك الخبرة ولا القاعدة الشّعبية ولا الوزن السّياسي، وفوق ذلك كله فهي منقسمة على نفسها وليست موحدة في حزب أو تيّار سياسي معين، وقد ظهر ذلك بوضوح في الإستشارات النيابية الملزمة التي جرت بعد قرابة شهر من تلك الإنتخابات النيابية، حيث ذهب 16 نائباً سنّياً، من أصل 27، بمفرده إلى لقاء رئيس الجمهورية السّابق ميشال عون، في مشهد يدل على عمق الأزمة في السّاحة السّياسية السنّية.


طوال السنة ونيّف الماضية لم يتغيّر المشهد السياسي السنّي، وظهر النوّاب السنّة خارج المعادلة كليّاً، كون أغلبهم هم زعامات محلية لا تملك وزناً على مستوى الوطن خارج مناطقها، فلم يتم فقط تجاهلهم في لقاءات الموفدين، إنّما سقطوا أيضاً من حساب السّلطة سواء في المشاريع أو التعييينات وسواها، وفي الإستشارات واللقاءات السّياسية الهامّة على مستوى الوطن، وجعل الميثاق الوطني الذي يجمع طوائف البلد يبدو مكسوراً في ضلعه السنّي.


ما يُثبت هذا الخلل الذي لا يجدي تجاهله ولا التقليل من خطورته، خروج أصوات نوّاب سنّة بدأت تشكو مسبقاً من تجاهل الموفدين لها، خصوصاً الفرنسي والقطري، الذين يُنتظر زيارتهم لبنان هذا الأسبوع.

لكن إذا حصل والتقى موفدون ببعض من النوّاب السنّة، فماذا يملك هؤلاء أن يقدموا لهم في الملف الرئاسي أو غيره؟

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen