سفير الشمال: مراكب الموت تستأنف نشاطها.. هل تنجح القوى الأمنية في التصدي لمافياتها؟
سمية موسىخاب من ظن أن الهجرة غير الشرعية قد إنتهت أو تقاعس المهربون عن نشاطهم. مع عودة فصل الصيف عادت مافيات التهريب والعصابات الى إغراء الفقراء و العاطلين عن العمل للمتاجرة بأرواحهم.
إزدادت محاولات الهجرة غير الشرعية في لبنان بإتجاه الدول الأوروبية بشكل مضطرد، بحيث لا يكاد يمر يوم من دون انطلاق رحلة من شاطىء العريضة في عكار بمشاركة عشرات اللبنانين والسوريين وجنسيات أخرى، خصوصا مع بداية الصيف حيث يبدأ موسم الهجرة ويستمر حتى رأس السنة، والتي وكما كل عام لا توقفها غرق المراكب الكبيرة التي يلتهمها البحر.
عمليات الكر والفر التي تقوم بها القوى الأمنية على شواطىء عكار لمحاولة وقف المهربين لم تهدأ لحظة، ومع صباح يوم أمس وأثناء انطلاق رحلة جديدة من بحر العبدة في عكار لشخص من آل الخالد في ببنين، حيث جهز رحلته بالتعاون مع مهرّبين موجودين في طرطوس (لبنانيين وسوريين)، وكان عدد الركاب يفوق المئة.
تقدم المركب نحو الشاطئ وإصطدم بالرمل ولم يعد قادراً على السير،
فهرب السائق وتجمع الركاب عند محطة الأيوبي – مفرق سوق الخضار، ثم فروا لاحقاً قبل وصول القوى الأمنية.
وتفيد المعلومات أن “المهرّب تلقّى من الركاب مبلغ مسبّق عن الرحلة التي بلغت كلفتها على الشخص الواحد 6 آلاف دولار .
وكانت قيادة الجيش – مديرة التوجيه أعلنت قبل أيام عن إحباط محاولة للهجرة غير الشرعيّة شمالاً، والقبض على عدد من المخططين لعملية تهريب الأشخاص عبر البحر.
وأكد البيان أن “دورية من مديرية المخابرات ألقت القبض على 49 سورياً بينهم نساء وأطفال عند حاجز دير عمار – الشمال، بعدما كانوا متّجهين إلى منطقة البترون بنيّة الهجرة غير الشرعية عبر البحر إلى إحدى الدول الأوروبية”.
وأوضح أنّ “الجهود مستمرة لضبط بقية المتورطين”.
وبالفعل، أعقب الجيش اللبناني ذلك بحملة اعتقالات في بلدة ببنين العكارية، استهدفت متورّطين في التحضير والتنفيذ لهذه العملية.
وتشير المعلومات إلى أنّ “التحضير لهذه العملية استغرق أكثر من شهر ونصف الشهر، على أن تعقبها عمليات عدة، حيث كان من المفترض تنظيم 3 رحلات أخرى للهجرة غير الشرعية.
كيف تتم عمليات الهجرة غير الشرعية؟
أوضح مصدر خاص لـ”سفير الشمال” أن السبب الأول والأساسي الذي يدفع المواطنين لخوض غمار الهجرة غير الشرعية هو الوضع الاقتصادي الذي لم يعد يُحتمل وجعَلَهم غير قادرين على تأمين قوت يومهم”.
وأضاف “غالبية المهاجرين من فئات اجتماعية فقيرة، بحيث يبيعون ممتلكاتهم من سيارة أو منزل أو مقتنيات أخرى، حتّى أن بعضهم يقوم بالاستدانة لتوفير تكلفة الرحلة”.
وتابع: هذه الكلفة عادةً تتراوح بين 5 إلى 7 آلاف دولار، بحسب عدد الأشخاص على المركب”.
وأوضح أن هذه الرحلة تحتاج عادةً من 7 إلى 8 أيام، ولكن تشهد الكثير من المراكب تعطُّل لمحرّكاتها أو أي عطل آخر أمام الشواطئ القبرصية، وفي هذه الحال تقوم السلطات القبرصية بإعادة المهاجرين إلى لبنان”.
رأى المصدر أن “خروج المركب يكون بشكل طبيعي، إذ أنه يكون مُسجَّلاً باسم أحد الأفراد الهاربين، بحيث يتم تحديد نقطة التقاء على الشاطئ لنقل بقية المهاجرين الذين عادةً ما يتراوح عددهم بين 70 إلى 100 شخص، بحسب سعة المركب المُستخدم”.
ومع تزايُد هذه الرحلات، بات الكثير منها يَعتمد على جهد فردي بعيداً عن المُهرّبين، بحيث يتبنى أحد الأشخاص مهمة تأمين القارب، ومن ثم ترويج الفكرة في بعض الأوساط الشعبية وبين الأقرباء، ليتقاسم هؤلاء ثمن القارب البدائي الصنع، قبل أن يتم تجهيزه بنظام للاتصال وسترات للنجاة، ومحركاً يملك قوة مضاعفة، وآخر بديلاً للاحتياط، فضلاً عن الوقود والمياه.
أما الخطوة الثانية فتتمثل بتحديد زمن معيّن للانطلاق يأخذ في الاعتبار المكان والتوقيت الذي يحرص هؤلاء على أن يكون فيه الوضع المناخي مستقراً لضمان عدم تعرض المركب لأي تيارات هوائية وأمواج، او من خلال ابتداع المنظّمين طرقاً جديدة للتحضير وجذب المهاجرين، عبر اعتماد بعض اللبنانيين على مروّجين سوريين لتأمين ركاب للرحلات من داخل الأراضي السورية، وكذلك الإعتماد على مروّجين ومسهّلين من داخل المخيمات الفلسطينية، لتأمين ركاب من التابعية الفلسطينية في لبنان.
الأحداث المأساوية لا تنتهي بغرق المركب بمن فيه، بل تظهر قصص أليمة وحزينة جداً لمن نجا من الموت، فعائلة غازي قدور في طرابلس والذي فقد والدته وأخيه الصغير، لكن ألم غازي لم يقف عند هذا الحد، بل أصبح بحالة يرثى لها، فلا مأكل لا مسكن، ولا قدرة على مواجهة أعباء الحياة، ما دفعه مرات عدة الى مناشدة الدولة، والمجتمع بالمساعده لاستعادة المنزل الذي رهنه لاجل السفر. بالاضافة الى حالات التي مازالت تتأرجح بين المستشفيات بحثاً عن علاج لها.
ومن تاه بين مخيمات اللاجئين في تلك الدول ينتظر الدولة ان تعيده الى لبنان، بعد تنظيم أوضاعه على صعيد الجوازات والاقامات، حيث تتوالى المناشدات للاسراع في إنقاذهم من الأوضاع الصعبة التي فرضتها عليهم الهجرة غير الشرعية.