فرنجية يشقّ طريقه نحو قصر بعبدا: مسألة وقت فقط
عبد الكافي الصمدمشهدان خيما على جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية التي إنعقدت في 14 حزيران الجاري، من غير أن تفضي إلى أيّ نتيجة شأنها في ذلك شأن الجلسات الـ11 السابقة لها، وتركا تداعيات ستستمر طويلاً.
المشهدان كانا متناقضين إلى أبعد الحدود.
الأوّل تمثّل في الإرتياح الذي ظهر على نوّاب الفريق الداعم لرئيس تيّار المردة سليمان فرنجية؛ والثاني بدا في علامات التوتر والإستياء التي إرتسمت على الفريق المؤيّد لوزير المالية السّابق جهاد أزعور، برغم أنّ مرشّح الفريق الأوّل ـ
أيّ فرنجية حصل على 51 صوتاً، في حين نال منافسه أزعور 59 صوتاً.
في الظّاهر ووفق المنطق يفترض أنْ يكون المشهد معكوساً، لكنّ الذي حصل أنّ مؤيّدي فرنجية إستطاعوا تحقيق نتيجة أكبر من تلك التي كانت مرجّحة، إذ كانت كلّ الترجيحات، تقريباً، تشير إلى أنّ فرنجية لن ينال أكثر من 44 صوتاً، في حين كانت توقعات داعمي أزعور تشير إلى أنّه لن يحظى بأقلّ من 65 صوتاً، فكانت النتيجة أنّ حصّة فرنجية المرجّحة زادت، بينما حصيلة أزعور المتوقعة تراجعت.
يعود هذا التناقض في المشهدين إلى أنّ نتيجة الجلسة حملت في طيّاتها ما يُطمئن الفريق السياسي الداعم لفرنجية، وما يُعزّز حظوظه أكبر في الجلسات المقبلة، في حين كان العكس للفريق السّياسي الداعم لأزعور.
في خلاصة النتيجة فإنّ فرنجية حصل على أصوات النوّاب الشّيعة كاملة، وهي 27 صوتاً، إضافة إلى 10 نوّاب سنّة، قابلون للزيادة وليس النقصان، عدا عن 14 نائب مسيحي، في حين حجب النوّاب الدروز الثمانية أصواتهم عنه، وهي نتيجة تدلّ على أنّ الزعيم الزغرتاوي يمتلك قاعدة سياسية واسعة متعدّدة سياسياً ووطنياً، من تأييد إسلامي كبير (شيعي وسنّي)، إلى تأييد مسيحي يعتبر مقبولاً جداً في هذه المرحلة، وينفي تهمة خصومه المسيحيين (التيّار الوطني الحرّ والقوّات اللبنانية وحزب الكتائب ومستقلين) أنّه لا يحظى بأيّ قاعدة أو غطاء مسيحي، وهذا التأييد كما إتضح قابل للزيادة وليس النقصان، أمّا مسألة النوّاب الدروز فإنّ الزمن كفيل بمعالجتها.
بالمقابل، فإنّ نتيجة أزعور كانت صادمة لداعميه.
صفر عن النوّاب الشّيعة، ومن المستحيل أن ينال في أيّ جلسة مقبلة أيّ صوت منهم.
4 نوّاب سنّة، وهي الصّدمة الأكبر لأنّ أزعور وداعميه كانوا يراهنون على غطاء نيابي سنّي يعوّضون فيه قطيعة النوّاب الشّيعة له، وهؤلاء النواب يبدو مستحيلاً بدوره أن يزيدوا نائباً واحداً.
ودرزياً، فقد نال أزعور أصوات نوّابهم الثمانية كافّة في إطار لعبة سياسية لها حساباتها وتقلباتها المعقّدة.
يبقى مسيحياً، حيث تلقى أزعور صدمة أخرى لا تقلّ عن سابقاتها عندما خسر أصوات 20 نائباً منهم، أيّ تقريباً أقلّ من ثلث النواب المسيحيين الذين توزعوا بين فرنجية ووزير الداخلية والبلديات السّابق زياد بارود والورقة البيضاء، وهي نتيجة تعطي مؤشراً، ليس فقط أنّ أزعور نال أقصى ما يمكن من أصوات النوّاب المسيحيين، بل أنّ عدد أصوات هؤلاء النواب مرجّح لأن ينقص، ما يجعل وزير المالية السّابق وداعميه يخسرون جزءاً من الغطاء النيابي المسيحي الذي تذرّعوا به لتبرير تأييدهم له.
كلّ ذلك يفيد أنّ "اليوم التالي" الذي تحدّث عنه نوّاب وقيادات سياسية من الفريقين، في إشارة إلى أنّ ما بعد جلسة 14 حزيران ليس كما قبلها، بات في موقع لا يمكن لأزعور أن يستفيد منه، أو أن يُعوّل عليه لتعويم نفسه مجدّداً، ومتابعة طريق الحلم الصعب في الوصول إلى كرسي الرئاسة الأولى، إذ إنّ حسابات نتيجة جلسة 14 حزيران كشفت بوضوح أنّ "اليوم التالي" قد وضع نفسه في مصلحة ساكن بنشعي، وفتح الطريق أمامه تدريجياً وبهدوء للصعود باتجاه قصر بعبدا.
هي مسألة وقت فقط.