ميقاتي
31 أيار 2023

ميقاتي "المُهمل" طرابلس ثقافياً: صدمة وخيبة في المدينة

عبد الكافي الصمد       

في الثّاني عشر من شهر أيّار للعام الجاري إفتتحت الرّابطة الثقافية في طرابلس معرض الكتاب الـ49، وهو المعرض الذي تحرص الرابطة على تنظيمه سنوياً، ما يبقيه فسحة العلم والثّقافة شبه الوحيدة بهذا الحجم التي تشهدها المدينة، برغم التراجع الذي شهده المعرض من حيث إنتقال مكان تنظيمه من معرض رشيد كرامي الدولي، الأكثر إتساعاً ورحابة، إلى داخل ردهات وقاعات الرّابطة، وتراجع أعداد دور النشر والمكتبات المشاركة فيه، ومعه تراجع أعداد زوار المعرض لأسباب تتداخل فيها عوامل الثّقافة والإقتصاد والإجتماع.


ذلك اليوم غاب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن حضور معرض الكتاب الذي يقام برعايته، وهو تقليد دأبت عليه الرّابطة الثقافية بأن يقام أيّ معرض كتاب تنظمه برعاية رئيس الحكومة العامل.

وقد راهن كثيرون على حضور ميقاتي المعرض لتعويض غيابه الطويل عن مدينته، وإهماله لها، لكنّه أوفد بدلاً منه وزير الثقافة في حكومته محمد مرتضى، مكلّفاً إيّاه تمثيله، وهو غياب ترك صدمة في أوساط منظمي المعرض والحضور، زاد منها أنّ ميقاتي حضر إلى طرابلس بعد ذلك بساعات حيث التقى في قصره بمدينة الميناء مناصريه ومقربين منه، من غير أن يُكلّف نفسه عناء القيام بزيارة رمزية إلى معرض الكتاب تعبيراً عن دعمه المعنوي له، في مدينة تصارع من أجل البقاء على قيد الحياة على كلّ الصّعد، بما فيها الصّعيد الثقافي.


غياب ميقاتي عن رعايته معرض الكتاب شخصياً، أو زيارته، وهو لا يبعد عن مقر إقامته سوى دقائق معدودة، جعل البعض يتذكّر كيف أنّ رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي كان يحرص على حضور نشاطات وندوات ثقافية وعلمية وبيئية وتنموية في طرابلس، في عزّ أيّام الحرب الأهلية والوضع الأمني المهزوز في المدينة، من باب المقارنة بين الرجلين.


إهمال ميقاتي وتجاهله للدور الثقافي والحضاري التاريخي لمدينته طرابلس ترجمه بشكل عملي أكثر بعد ذلك بأيّام. ففي 18 أيّار أصدر قراراً يقضي بتشكيل لجنة مركزية للإحتفاء بطرابلس عاصمة للثقافة العربية للعام 2024، وهو قرار كان صادماً للأوساط الثقافية في طرابلس، وفي الشّمال، على مختلف الصعد، كون اللجنة المذكورة لم تضم من عاصمة الشّمال سوى شخصيتين: رئيس البلدية ورئيس الرابطة الثقافية.
هذا القرار الصادم دفع رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجد، باسمه وباسم 37 هيئة ثقافية في طرابلس والشمال، إلى توجيه كتاب الى ميقاتي عبر فيه عن رفض الهيئات الثقافية وغضبها وامتعاضها "لكيفية تشكيل تلك الهيئة ومن تضمّنت، وهم جميعاً ممثلين عن وزارات مختلفة وفق هذه "التوزيعة"، وأنّ "هؤلاء الأعضاء   من مناطق أخرى من خارج مدينة طرابلس والشّمال"، وتابع الكتاب: "نحن لا نقلل من إمكانات وكفاءات، ولكن نسأل أليس الشّمال وأليست طرابلس مدينتك يا دولة الرئيس تزخر بتلك الكفاءات؟"، ومضيفاً: "هل أنّ تشكيل تلك اللجنة هو مجرد تأمين مداخيل ماليّة لأعضائها، بدل إنتقال وتنقل والقيام بـ"متابعات" محلية، هي من صميم دور الموظّفين المحليين من أبناء طرابلس والشّمال؟.

لو كانت طرابلس تهمكم لكان أعضاء اللجنة المعنية بإدارة هذه الإحتفالية هم من أبناء طرابلس والشّمال ومن ممثلي وموظفي الدوائر الرسمية في هذه المدينة الصابرة".


وذكّر الكتاب ميقاتي بأنّ الموقعين عليه كانوا طلبوا قبل شهرين من وزير الثقافة "إجراء إتصالات مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، الراعية للإحتفالية، لكي يُصار إلى تأجيلها وتحديد موعد لاحق لها نظراً للأوضاع الحياتية والمعيشية والأمنية التي تعاني منها المدينة".  


وسأل الموقعون على الكتاب ميقاتي: "نسألكم بكلّ صراحة: هل بإمكان مدينة من دون فنادق أن تستقبل زوّارها وهم ربما من كبار الرسميين، عرباً وأجانب؟ وهل يمكن للسراي الرسمية ومبناها "مهلهل"، في حين أن القصر البلدي ما تزال آثار الحرائق بادية على جدرانه؟ بإمكانهما إستقبال الوفود والزوّار؟"، وأضافوا: "هل جرى تأمين الإجراءات والضوابط وما شابه لتوفير أجواء الإطمئنان والأمان للوفود الخارجية والمناطقية أثناء تجوالها في مناطق التراث والآثار داخل المدينة؟".


وختم الكتاب بالقول: "ها هي الخيبة تصيبنا جميعاً حين نشعر ونلمس أنّ هناك من يريد إغفال الشّخصيات الفكرية والأدبية من أبناء طرابلس والشّمال وكذلك الشّعراء والفنانين والهيئات الثقافية بصورة خاصة، وأن يتم إستبدالهم بموظفين يبرمجون لنا فعاليات هذه الإحتفالية الكبرى.

هل هذه هفوات أو مجرد سهوات؟؟ أم أنّ كلّ شيىء قد تم تدبيره في ليل؟!".

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen