طرابلس تودع إبنها الفنان محمد جمال في كاليفورنيا كأن المأتم في الزاهرية أو التل
بقلم روبير فرنجيةمحمد جمال لم يكن قدره أن يعيش يعيداً عن لبنان الحب والجمال بل أن يغيب في لوس أنجلس الارض الاميريكية التي لجأ اليها في الحرب وتمسك فيها أيام السلام .
محمد جمال أو جمال الدين تفاحة الذي نزل من طرابلس الى بيروت لؤلؤة الفن ففتحت له النجومية ذراعيها في الغناء والتلحين والسينما .
هجرته رسخت أغانيه في وجدان الجمهور العربي من : آه يا أم حمادة الاكثر شعبية الى علاوي الى قسم شرقي الى مزيكا الى كنا أنا وأنتي نتمشى عالطرقات الى يسعدني صباحو الى سيارتو أكبر وفلوسو أكتر وما عندي مال الى إجا الصيف الى سوريا يا حبيبتي وكذلك رائعته الذي لم يبق فناناً إلا وحاول تأديتها : بدي شوفك كل يوم .
محمد جمال أو تفاحة الذي ذاق نجومية الثنائيات مع طليقته طروب أسس عائلة من جديد وفتح مطعماً في كاليفورنيا وبقي على عوده وعهده للبنان ولتلك الشهرة التي عرفها وللفن الذي بادله الحب وأعطاه مفاتيح النجاح .
في مسيرته كان يحفظ الود لابن مدينته عازف العود المرحوم صليبا القطريب الذي جعله " عواداً " والفنان الراحل حليم الرومي الذي تلقف موهبته في أروقة الاذاعة اللبنانية والرحابنة الذين تعاون معهم في " ساعة وغنية "والشاعر المرحوم ميشال طعمة الذي كتب له أجمل أغنياته وللشحرورة ونجاح سلام والكبار الدين لحن لهم .
محمد جمال حاورته وحادثته وأذكر انني مرة عرضت على الوزيرة السابقة فيوليت خير الله الصفدي أن تكرمه في مسقط رأسه فوافقت وطلبت مني ترتيب الامر .
حادثته وتحمس رغم خوفه من الطيران وارتفاع الضغط والادوية .
أقنعته فرضخ الامر لولا أن كورونا باغتتنا بقدومها .
كنا نتكلم في الليل اللبناني بكل الامور ولم أسجل محبة صافية من زوج لطليقته كما سجلت لمحمد جمال حين يتحدث عن طروب الانسانة والفنانة الذي عاد واجتمع معها في حلقة تلفزيونية .
محمد جمال رحل في نفس يوم ميلاده عن ٨٩ سنة في غربته الطويلة .
رحل وإن لم يغمره تراب لبنان لكن محبة الناس وحزنهم كمشة تراب وباقة زهر شقائق النعمان من بساتين طرابلس على ضريحه .
في الختام نقول لمحمد جمال الطرابلسي العريق الذي منحني بطاقة هويته لكتابي " شو أسمك " :
إجا الصيف وينك يا محمد جمال ؟ لم نتوقع موتك في المهجر .
بدي شوفك كل يوم
بدي أسمعك كل يوم ايها النجم المهاجر الذي لم يهجر البلد في غربته فكيف ننساه حين سافر اليوم الى دار الخلود ؟
- من هو محمد جمال ؟
الفنان اللبناني الكبير: محمد جمال
جمال الدين تفاحة ملحن ومطرب لبناني شهير ولد عام 1934 في طرابلس عاصمة الشمال، كان والده يمتلك مصنعاً للآلات الموسيقية ومنه تعلم العزف على آلة العود، تخرج من مدرسة الصنايع ، انتقل إلى بيروت و ألحق للعمل في الإذاعة اللبنانية كموظف، تحمس له الموسيقار حليم الرومي رئيس قسم الموسيقى في الإذاعة اللبنانية ومن اغانيه الاولى التي سجلها في تلك الفترة { اسمر يا شاغل بالي، شو قصتك } تدرب على عزف العود بطريقة احترافية على يد الفنان الكبير صليبا القطريب، استمر في الغناء في تلك الفترة حتى عام 1956 عندما استمع اليه حلمي رفلة في كازينو عجرم و وقع معه عقد فيلم { الأرملة الطروب } أمام ليلى فوزي وكمال الشناوي وغنى فيه من تلحينه { آهين ياناس }
عاد إلى لبنان بإحتفاء إعلامي كبير وهناك التقى الفنانة المحبوبة طروب عام 1957 التي كانت تعمل في كورس الإذاعة فتحابا وتزوجا وكونا ثنائي { جمال وطروب } حيث كانت بدايتهما في الشام ترافق ذلك مع قيام الوحدة مع مصر فانتقلا إلى القاهرة ليصبحا قاسما مشتركاً في حفلات أضواء المدينة من خلال سلسلة أغاني جميلة جدا { اطلب واتمنى، من فضلك ياست البيت }وهناك مثل وغنى مع الفنانة الكبيرة صباح المسلسل الاذاعي { عزيزة ويونس }ثم كانت تجربته السينمائية الثانية مع النجمين الكبيرين رشدي أباظة و سعاد حسني و زوجته طروب في الفيلم الكوميدي { هاء 3 }
تزوج عام 1965 من السيدة تيجان بعد انفصاله عن الفنانة السيدة طروب التي لحن لها بعد الانفصال اغنيتها الشهيرة { ياستي ياختيارة }
سطع نجم محمد جمال مع بداية السبعينات بأغنية {آه يا أم حمادة } التي حطمت أرقام قياسية في توزيع عدد الاسطوانات وايضاً تتالت الاغاني الضاربة { ناطرة السرفيس، الفستان، علاوي، قسم شرقي بلدي، بالقطارة، ماعندي مال. سيارتو أكبر، مزيكا يا مزيكا عام طبعاً رائعته المميزة { بدي شوفك كل يوم } غنى الكثير من الموشحات والقصائد في المسلسل التلفزيوني { قصر الحمراء } ولكنها لم تحقق نجاحاً رغم روعتها وجمالها.
كما لا يمكن نسيان تجربته عام 1973 عقب انتصارات حرب تشرين التحريرية في الاغنية الخالدة سوريا ياحبيبتي الحان وغناء الفنان الكبير محمد سلمان بالإشتراك مع الكبيرة السيدة نجاح سلام.
عمل محمد جمال في كازينو فريد الأطرش حيث حقق نجاحاً فريداً إضافة إلى حفلاته في كل الدول العربية والأجنبية.
مثل في مسرحية واحدة وأفلام لبنانية وسورية استغلت شهرته ونجاحه مثل { نساء للشتاء، الكل يحب، مهمة رسمية، غرام المهرج }
ظلت اغاني محمد جمال تحقق نجاحات هائلة اثناء الحرب اللبنانية حيث حقق اغاني جميلة لازالت حية مثل { الدنيا حب، بيغفى الليل، يامنايا ياهوايا، حبيتك انت وبس،يسعدلي صباحو، غيابك طال، بيفرجها الله، عالمحطة، حملتك سلامي ...}
عمل في عام 1979 مع الاخوين رحباني والياس الرحباني في تعاون متأخر في برنامج { ساعة وغنية } حيث غنى لأول مرة من ألحان غيره أعمال شديدة الإتقان والروعة مثل { كنا انا وانت، المطارات، انت والرقص، يا جمال، اجا الصيف، سألت عني }
انتقل محمد جمال للعمل في سوريا والأردن ليقرر الهجرة وهو في قمة نجاحه إلى لوس أنجلوس في امريكا مع اشتداد الحرب اللبنانية في الثمانينات ليفتتح مطعما ويغني فيه، ترافق ذلك مع اطلالات وزيارات عمل الى الدول العربية واصدر كثير من الاغاني الناجحة مثل البوم {علمني الحب }و {ع دروب الهوى } وظلت اعماله القديمة حية ونابضة بالفرح والسعادة في قلوب الجمهور الذي لم ينسى الفنان الكبير محمد جمال بصوته الدافئ الحساس المليء بالبهجة والشجن سوياً و ألحانه المنوعة التي يطلق عليها فعلاً { السهل الممتنع } إضافة طبعاً لحضوره الجذاب واطلالاته المميزة والأنيقة.