مركز 06 للدراسات والإحصاء

دردشة في المشهد اللبناني  والعيش المشترك
03 أيار 2023

دردشة في المشهد اللبناني والعيش المشترك

كتب الأستاذ ناصر الظنط

قبل المشهد اللبناني لا بد من إلقاء تحية العز و الفخار للشيخ الشهيد خضر عدنان الذي جسّد بصبره و صموده و ثباته ملحمةً بطولية ستترك أثرها الطيب على المستوى العربي و الاسلامي و حتى لدى أحرار العالم ، ناهيك عن أثرها المباشر على ساحة المواجهة المباركة على أرض فلسطين الحبيبة التي هبّت لتثأر لدماء الشهيدالطاهرة من الاقصى المبارك و القدس الشريف الى الضفة درع القدس و الى غزة هاشم التي تحمل سيف القدس.
نسأل الله تعالى قبول شهادته و لعائلته الكريمة و أهله و محبيه و للمجاهدين الصبر و السلوان و الثبات و للعدو الجبان الغزي و العار.
كما نتوجه لأهلنا في السودان ، سودان اللاءات الثلاث ، لا صلح لا اعتراف و لا استسلام ، و ببركة المقاومة و الشهادة أن يحقنوا دماءهم و يدّخروها للمعركة الفاصلة مع العدو الصهيوني الغاصب في القريب العاجل بإذن الله.
و بعد، 
تتوالد الازمات في لبنان بشكل يومي بحيث لا يكاد يمر يومٌ إلا ونجد أنفسنا امام سجالات سياسية و إعلامية و تارة دستورية او قانونية او قضائية او .... و بالرغم من ضخامة الازمة الاقتصادية و المالية و الاجتماعية التي يمر بها بلدنا و من قساوتها على اغلب الناس و بعد الانهيار الهائل للعملة اللبنانية و إستفحال الهدر و الفساد و الفقر و العوز وبالتالي عدم امتلاك ترف إضاعة الوقت و ما يستدعيه ذلك من ضرورة إعلان حالة طوارئ للتصدي لكل الازمات المستجدة و التي طالت الإستشفاء و الماء و الدواء و الغذاء و الكهرباء و المحروقات والتربية و التعليم و ودائع المواطنين في المصارف ,ناهيك عن الإشكالات الأمنيةالمتفلتة . و ما من مشكلة نشات ووجدت طريقها للحل بل تتوالد الازمات و تتراكم مع انعدام القدرة على التفاهم حول سبل المعالجة , إننا امام إستعصاء شبه كامل يمنع مسيرة الحلول سواء لجهة انتخاب رئيس للجمهورية أو لكيفية إدارة الازمة في ظل غياب موقع الرئاسة الاولى و على سبيل المثال لا الحصر , الخلاف حول صلاحية حكومة تصريف الاعمال و السجال الذي ينشأ عند كل إجتماع لها حول جدول اعمالهاو عن صلاحياتها علماً ان اسمها يحمل الجواب ، انها حكومة تصريف الاعمال اي ان واجبها القيام بما يلزم لتصريف الاعمال و مواجهة المشاكل المستجدة و الفورية لتيسير امور الدولة و المجتمع ولا سيما في ظل الظروف الاستئنائية الحالية و كذلك السجال حول دور المجلس النيابي و الجلسات التشريعية لجهة الضرورة او عدمها . لا بل اكثر من ذلك بحيث طالت الخلافات ابسط الامور حتى كدنا نظن اننا في " عصفورية " كبيرة و لعل المشهد المؤلم الذي نتج عن ردود الفعل الغريبة و العجيبةإثر اقرار رئيس الحكومة تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي لما بعد رمضان المبارك ما يشير الى هزالة أداء الكثير من العاملين في الشأن العام .
إنه قرار اداري عادي  الهدف منه  إراحة فئة من المواطنين (الصائمين )دون التسبب بأي ضرر للفئات الأخرى
و نشير هنا الى صدور قرار مشابه عن رئيس الحكومة سليم الحص و كذلك عن العماد ميشال عون و ذلك عام 1989 وحين كان في البلد حكومتين واحدة برئاسة الحص و الاخرى عسكرية برئاسة عون (غربية و مشرقية)و تنذكر و ما تنعاد.
فلماذا اذاً كل هذا الضجيج المفتعل حول مسالة إجرائية بسيطة كالمذكرات التي تصدر لتحديد العطلة الرسمية او غير ذلك من القرارات الادارية و التي لا يصدرها رئيس الجمهورية اصلاً لا بوجوده و لا بغيابه بل احيانا تصدر عن الامانة العامة لمجلس الوزراء او…
والجدير بالذكر انه لدينا في لبنان دوام خاص للعمل خلال شهر رمضان المبارك (تقليص ساعات العمل) فالقرار اذاًبخلفية اجتماعية و انسانية فقط ، حيث انه على الصائمين واجبات و سنن منها مثلاً وجبة السحور ( تسحروا فإن في السحور لبركة) و في كل الاحوال ماذا يضير المعترضون اذا سمحوا للصائمين بساعة نوم اضافية و هل يشكل الشعور مع الاخرين او اراحتهم اعتداء على الفئات الاخرى انه أمر  معيب لم اجد تفسيراً او مبرراً او تعليلاً له ولا اظنه الا من قبيل التعالي و التعصب الاعمى و العنجهية ، و إن ذهب البعض لاعتبار ذلك سعياً لشد العصب الطائفي و البحث عن الشعبية. و الانكى من ذلك ان ردود الفعل لم تقتصر على الاحزاب السياسية بل تعدتها للمواقع الكنسية والتربوية و الاعلامية و غيرها ناهيك عن ما رافق ذلك من مواقف عنترية ، لنا توقيتنا و لكم توقيتكم ،لنا دولتنا و لكم دولتكم و لقد وضعه البعض في دائرة التخلف و التقدم و ما الى ذلك من كلام مسيئ للعيش المشترك الواحد.
لقد غفلت تلك المواقع والجهات ان الناس في لبنان يمارسون العيش المشترك بطريقة طبيعية و ربما فطرية انسانية,
بعيدا عن كل هذا التعصب المفتعل والطنين المصطنع من قبل تجار الازمات و المصطادون بالماء العكر
و هذا ما يتجلى في القرى المختلطة حيث يتشارك الناس الافراح و الاتراح كذلك في المؤسسات العامة و الخاصة و على سبيل المثال لا الحصر إمتناع المسيحي على الأكل امام زملائهم  الصائمين في نهار رمضان و كذلك تامين المناوبة للمسلم بدل المسيحي ايام الأعياد المسيحية كما يداوم المسيحي بدلاً عن المسلم في أعياد المسلمين في الكثير من المؤسسات الامنيّة , المستشفيات , الكهرباء , الهاتف , المطاعم و المؤسسات السياحية و الافران و غيرها
و اختم بكلام لسماحة العلّامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله رحمه
 الله تعالى حيث يقول : أن اللبناني العامل و التاجر و الفلاح المسلم و المسيحي لم يتحاربا بل كانا متعايشين في افضل ما يمكن من تعايش في مناطق الشمال و الجنوب و البقاع المختلطة .... ثم يصف الطائفية بأنها حالة عشائريّة , هي طبل يرن دون ان يحمل داخله شيئاً هناك طبل مسيحي و طبل اسلامي و هناك دين إسلامي و دين مسيحي ويجب ان نفرق بين الطبل و الدين .
أصلح الله أحوالنا و أحوال بلادنا و أمتنا بفضله و كرمه.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen