الحديدة، شكر، هنية… إلى الضفة الغربية
كتب الأستاذ ناصر الظنطثقيلة وقاسية على العقل والقلب والوجدان تلك الاحداث الجسيمة التي تمر علينا منذ حوالي أحد عشر شهراً بأيامها وساعاتها بدءاً من حرب الابادة الجماعية التي طالت كل نواحي الحياة في غزة الابية وما تلاها من حرب برية لضرب المقاومة في غزة واعادة احتلالها .هذه الحرب الهمجية التي لم تتوقف الى الآن رغم الانقلابات في الراي العام العالمي واندلاع جبهات مساندة قوية ضاغطة في الضفة الغربية او في اليمن السعيد او انطلاقا من العراق وكذلك في الجبهة الاكثر اشتعالاً واتساعاً وهي جبهة الاسناد اللبنانية .
وغالباً ما تحصل تطورات كبرى ومتسارعة وبشكل شبه يومي تضعنا أمام مشهد ضبابي نعجز احياناً عن قراءة ابعاده ومآلاته ومن تلك الاحداث الجسام على سبيل المثال لا الحصر العدوان على الحديدة في اليمن ومنشآته النفطية والكهربائية ،او العدوان على الضاحية الجنوبية واغتيال القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر، او الاغتيال الغادر لرئيس حركة حماس القائد المحبوب الحاج اسماعيل هنية وفي عاصمة الجمهورية الاسلامية الايرانية طهران .
وقبلها وبعدها الكثير من المجازر والاغتيالات والاعتداءات ولا سيما المجزرة الرهيبة في مدرسة التابعين في غزة واليوم والأمس حرب شعواء على مدن ومخيمات الضفة الغربية ،ضفة العياش و العاروري و الطوالبة و النابلسي و ابو شجاع و سائر الشهداء الابرار.
وبالرغم من مرور شهر على اغتيال القائدين هنية وشكر فما زالت اصداء تلك الليلة حاضرة في كل التطورات التي لحقتها لذلك أقف مجددا عندها وصفاً وتعليقاً ترتبطان بالمشاعر والوجدان والسياسة في آن معاً
،قديما ً قالت العرب "لكل امرئ من اسمه نصيب" وعندما تأملت باسماء الشهداء القادة وجدت ترجمة لهذا القول .
عندما تسمع اسم اسماعيل هنية لابد ان تتذكر سيدنا اسماعيل عليه السلام الذبيح والذي سلم رقبته لوالده سيدنا ابراهيم عليه السلام قائلا (افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين) وهكذا كان القائد ابو العبد اسماعيل هنية ،فقد سلّم نفسه ووطّنها على خيار الشهادة في سبيل الله تعالى حاملا ً راية فلسطين والقدس والاقصى المبارك والجهاد والمقاومة وكم ظهرت عليه مظاهر الرضى والتسليم بقضاء الله تعالى لا سيما عند استشهاد ابنائه واحفاده واخوانه واقاربه ناهيك عن رفاقه واحبابه. وكان امام الأهوال والمحن هنياً ً مبتسماً وضّاء الوجه والمحيّا تماماً كإسم عائلته هنية التي أستحقه وحمل نصيباً كبيراً منه في اخلاقه وصفاته رحمه الله تعالى وتقبل شهادته التي هزت العالم ولا سيما العالم الاسلامي الذي اظهر عاطفة جياشة تجاه الشهيد الكبير ولا سيما في التشييع المليوني في طهران والتشييع المهيب في قطر ناهيك عن المظاهرات التي عمت العالم الاسلامي وكم من الملايين الهادرة التي صلت عليه صلاة الغائب فكانت شهادته منارة على طريق وحدة الصف الاسلامي بكل طوائفه ومذاهبه واحزابه وقياداته وشعوبه.
اما القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر (السيد محسن )
هذا الرجل الغائب الحاضر طيلة ما يزيد على اربعين سنة من حياته حاضر في ساحات الجهاد والاعداد والتخطيط والقيادة والادارة والتوجيه والتأسيس والبناء والتطوير ومنذ الايام الاولى لانطلاق العمل الجهادي والمقاومة الاسلامية في لبنان عقب اجتياح عام 1982 .عرفته الساحات والميادين والمواقع ولكن الناس لا تعرفه فكان نصيبه من اسمه استحقاقه للقب فؤاد المقاومة وقلبها ، كما كان من الشاكرين لانعم الله تعالى منسجما مع اسم عائلته شكر ليحمل نصيباً منها والدليل على ذلك ما انعمه الله تعالى عليه بتلك الصفات الحميدة والجميلة والطيبة حسب شهادات اخوانه ورفاقه في قيادة المقاومة الاسلامية (ولئن شكرتم لازيدنكم )مما يفسر دوره الفعال والمتزايد بشكل تراكمي منذ بداية نشاطه الجهادي ،كما كان محسناً حقيقياً اسماً وقولاً وفعلاً ولا سيما بتكريس حياته كلها للمقاومة والجهاد ولفلسطين.
وان كانت المقاومة قد خسرته ولكنه نال وسام الشهادة باذن الله تعالى وان كان للعدو ان يفتخر او يتشوّف بالنيل منه لاهميته ودوره وسريته الكبيرة وهو انجاز للعدو ولاستخباراته وسلاحه الجوي ،ولكن ينبغي ان لا نغفل عن حقيقة مهمة جداً ان الرجل ملاحق ومستهدف من امريكا واسرائيل منذ حوالي 40 سنة وقد خصصت امريكا ملايين الدولارات لمن يعطي معلومات عنه ورغم ذلك استطاع الرجل الاستمرار في عمله ومهامه القيادية داخل لبنان وخارجه (ترأس المجموعة الجهادية التي ارسلها حزب الله للدفاع عن مسلمي البوسنة في التسعينات )، قيادي جهادي بهذا الحجم والدور استطاع القيام بمسؤولياتة ما يزيد على 40 عاماً والعدو كان عاجزاً عن النيل منه أليس في ذلك انجازاً له وللمقاومة الباسلة ايضاً، اما المقاومة التي لا تنام على ضيم ردت بحمد الله و كان رداً دقيقاً ومدروساً بعناية وحكمة علماً ان اهم الردود هو استمرار المقاومة في عملها واستمرارها في جبهة الاسناد لغزة ومجاهديها وهذا ما حصل ويحصل باستمرار وبفعالية تصاعدية يوماً بعد يوم،
ولعلنا ننعم في الايام القادمة بردود فاعلة وكبيرة لليمن السعيد والجمهورية الاسلامية في ايران التي اعلنت على لسان قادتها انها ملتزمة بالرد على اغتيال ضيفها الكبير ولا تتخلى عن فلسطين وعن المقاومين والمجاهدين .
اما حماس فكان ردها الاول تنصيب القائد السنوار خلفا للشهيد هنية لتؤكد بذلك مصداق شعارها الثابت انه لجهاد نصر او استشهاد .
فحماس والقسام ملتزمان هذا الشعار ويجسدانه قولا وفعلا ولكن القائد السنوار حفظه الله ليس امامه سوى الفوز بإحدى الحسنيين النصر او الشهادة .فنسأل الله تعالى القوي العزيز ناصر المستضعفين وقاصم الجبارين نصراً لاهلنا في غزة وللضفة المشتعلة المنتفضة وللمقاومة في لبنان وسائر المجاهدين وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم.