من المستفيد من الرّقص حول لهب النار الطائفية ؟
مرسال التّرسكأنه لم يكن يكفي اللبنانيين أزمات تبعدهم عن الواقع، حتى جاءتهم أزمة التوقيت الصيفي من عدمه، وما احدثته من خلافات على خلفيات سخيفة في توسيع الشرخ بين الطوائف اللبنانية.
فرئيس حكومة تصريف الاعمال "الزعيم الطرابلسي" نجيب ميقاتي لم يأتٍ لصالحه إتخاذ "القرار العظيم" بعدم تأخير الساعة ساعة كاملة، بعد تسريب الفيديو عن اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس النواب نبيه بري وتطرقهما الى الموضوع ليأتي القرار وكأنه تلبية لرغبات الرئيس بري، إلا أن ما أنقذه، وإندفاع المشايخ للوقوف الى جانبه هي "سكرة" رجال الدين المسيحيين وإعلان رفضهم للقرار "تماشياً" مع رغبات بعض السياسيين المسيحيين، والقنوات الاعلامية التي زادت من صب الزيت على النار، أدخلت البلاد في انقسامات طائفية. وذكّرت "عقّال" المواطنين بما حصل بين الطوائف في منتصف سبعينات القرن الماضي، عندما اختلفت الطوائف اللبنانية حول العطلة الاسبوعية يوم السبت أو الجمعة لتعود "حكوماتنا الكريمة" اللاحقة وتقر التعطيل يوم السبت بدون أن يرف جفن لأحد.
كما ذكّرتهم بما حصل بعد عقدين أو ثلاثة من الزمن عندما احتد الخلاف بين الطوائف حول وجوب إقرار الزواج المدني من عدمه ليُفتح الباب على "جهنم" غير متوقعة من الخلافات التي يمكن أن تعود الى الواجهة كلما رغبت جهات مشبوهة في فتح أتون الصراعات على صفحة جديدة.
قد يكون القرار الحكومي في غير زمانه ومكانه وحيثياته، ولكن التصدي له بهذا الشكل الطائفي لا يجوز لدى اي تفكير وطني يريد المحافظة على كينونة هذا البلد والعيش المشترك بين ابنائه. وفي هذا السياق جاء كلام أطلقه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط برداً وسلاماً إذ قال: إنَّ "أزمة البلد أكبر من تقديم أو تأخير الساعة، ولا داعي لاتخاذ قرارات تصب في الأتون الطائفي البغيض".
وهناك من لفت الى أن التوقيت الصيفيّ في الولايات المتّحدة الأميركية يبدأ في يوم الأحد الثّاني من آذار وينتهي يوم الأحد الأول من تشرين الثّاني، وآخرون ذكّروا بأنه في بعض الدول العربية ولاسيما الامارات العربية المتحدة لا تأخير ولا تقديم للساعة. ليتبيٌن ممّا سبق أنّه لا يوجد نظام عالميّ واحد بهذا الخصوص كما يحاول بعض الإعلام اللبناني تسويقه لغايات مشبوهة في نفس يعقوب!
وبناء على ما تقدم يبقى الأمل من الحكماء إينما وُجدوا في كل الطوائف والمذاهب ان يعملوا على تدارك كل ما يمكن أن يؤدّي الى المزيد من الانقسامات العمودية الحادّة بين مكوّنات شعب توحّد بالأمس ضدّ من يحاولون تفرقته اليوم.
فبدل الخلاف على أمور لا تصنّف بأكثر من "تافهة" فلتتحدوا وتعقدوا الخناصر سياسيين ورجال دين من أجل البحث عن الحلول للأزمات التي "تقصف عمر اللبنانيين". وتجعلهم متسولولين على أبواب العالم.
فبدل أن ترقصوا حول لهب النار الطائفية إذهبوا وأرهنوا صلبانكم وعمائمكم كما فعل المغفور له المطران أنطون عريضة إبان الحرب العالمية الأولى من اجل إطعام الفقراء ومساعدة المحتاجين من كل الطوائف لعلكم تنجحون في بناء وطن تستحقونه بدل تقديم الخدمات المجانية الى أعدائكم وما أكثرهم!
ففيما القوى الاقليمية تنحو الى التوافق وفتح صفحات جديدة نرى ان بلادنا تنزلق الى الإنقسام على أسخف الأمور .