إرتدادات زلزال 6 شباط: العين على طرابلس
19 شباط 2023

إرتدادات زلزال 6 شباط: العين على طرابلس

عبد الكافي الصمد  

في الكلمة التي ألقاها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، يوم الخميس الفائت في 16 شباط الجاري، خلال مهرجان "شهادة وانتصار" في مناسبة الذكرى السنوية للقادة الشّهداء، تطرّق فيها إلى الزلزال الذي وقع في 6 شباط الجاري وضرب مدناً وبلدات ومناطق في كلّ من سوريا وتركيا، وخلّف وراءه كارثة ضخمة من حيث الخسائر البشرية والماديّة الهائلة التي أصيب بها البلدان.
في هذه النقطة بالذات إستذكر السيّد نصر الله طرابلس، عندما قال: "أنا لا أخفي عليكم وليس من باب المجاملة، عندما توقفت الهزّة أوّل شيء خطر ببالي وحضر بذهني طرابلس – لم نكن نعرف لا تركيا ولا سوريا، كنت أظنّ أنّه فقط في لبنان – لأنّه مسبوق في ذهني أنّ هناك أبنية وقعت، فأوّل شيء أنا اتصلت بالإخوان وقلت لهم إستعلموا عن طرابلس إنْ حصل هناك شيء أو أبنية وقعت حتى نرى إنْ كنّا نستطيع مساعدتهم بشيء".
فقبل زلزال 6 شباط شهدت طرابلس سقوط أكثر من مبنى متصدّع وقديم فيها ما أدّى إلى سقوط ضحايا. منها ما حصل العام الماضي عندما انهار مبنى في محلّة ضهر المغر بمنطقة القبّة، في 26 حزيران الماضي، ونتج عنه وفاة طفلة ووقوع جرحى، إضافة إلى انهيار سقف في مدرسة الأميركان بمنطقة جبل محسن، في 22 تشرين الثاني الماضي، وأسفر عن وفاة طالبة.
القلق من إنتقال مشهد الدّمار من تركيا وسوريا إلى لبنان، وتحديداً إلى طرابلس، يعود إلى وجود مئات الأبنية القديمة والمتصدّعة فيها، والتي أعلن رئيس بلدية المدينة أحمد قمر الدين مؤخراً أنّه يوجد حوالي 700 مبنى متصدّع في طرابلس، وأنّ بعضها يُشكّل خطراً على القاطنين فيها.
هذا القلق أكّدته اللجنة التي شكّلتها نقابة المهندسين في طرابلس والشّمال للكشف على أبنية متصدّعة ومتضرّرة في طرابلس وبقية مناطق الشّمال، عندما أشارت إلى أنّ "عدد الأبنية المتصدّعة والمهدّدة بالإنهيار لا يقلّ عن الرقم الذي أورده رئيس البلدية، وأنّ زلزال 6 شباط زاد من حجم التصدّع في هذه الأبنية ومخاطر إنهيارها"، محذّرة من أنّه "في حال حصول زلزال آخر توازي قوته قوة زلزال 6 شباط، فإنّ كارثة حقيقية من العيار الثقيل ستنزل بطرابلس وجوارها".
هذه الأبنية التي بعضها أثري، والآخر قديم لم يشهد أيّ عملية ترميم أو صيانة منذ سنوات بعيدة، إمّا لعدم قدرة سكانها مالياً، أو بسبب تقاذف المسؤولية بين المالكين والمستأجرين، زاد منها مئات الأبنية العشوائية التي شهدت إنتشاراً كبيراً في الآونة الأخيرة، وحظيت بغطاء من سياسيين وأمنيين، توزّعت في أنحاء طرابلس كافّة وخصوصاً في جوارها حيت باتت تشكّل حزام بؤس يُطوّق المدينة، لا تملك الحدّ الأدنى من المواصفات الهندسية التي من شأنها أنْ تؤمّن السّلامة العامّة للمواطنين.
كلّ ذلك يُشكّل في طرابلس دافعاً للقلق من المستقبل وما يمكن أن يحمله من كوارث طبيعية، كالزلزال مثلاً، لأنّه إذا لم يعمل المعنيون سريعاً على اتخاذ إجرءات السّلامة لتفادي الكارثة، قبل وقوعها، والتخفيف من تداعياتها، فإنّ المدينة تضع نفسها، مع جوارها، أمام مستقبل بالغ السّواد.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen