الدكتور زكريا حمودان: الحريرية السياسية انتهت وجمهورها تشرذم شمالًاً
مدير المؤسسة الوطنية للدراسات والاحصاءلم تنته الحريرية السياسية عند قرار سعد الحريري بالانسحاب من الحياة السياسية، فالرجل قراره ليس بيده وهو المكبل خارجيًا ولا يمكنه الخروج من هذا الواقع ابدا. لقد انتهت الحريرية السياسية تدريجيًا على الشكل التالي:
١- خوض الانتخابات النيابية في العام ٢٠١٨ بتحالفات الضرورة الانتخابية.
٢- الاستقالة من الحكومة في ذروة المؤامرة التي ضربت لبنان في العام ٢٠١٩.
٣- الاحتفاظ بتكليفه بتشكيل الحكومة في العام ٢٠٢٠ ومن ثم الانسحاب كليًا من لبنان في لحظة تخلي تاريخية.
٤- خوض الانتخابات النيابية بالخفاء نظرًا لعدم قدرته خوضها في العلن في العام ٢٠٢٢.
في العام ٢٠١٨ تفاجأ اللبنانيون بتحالفات سعد الحريري في عكار والبقاع والتي استند فيها على من كان ينعتهم بحلفاء النظام السوري، وحصد من خلالهم مقاعد انتخابية سمحت له بترأس لائحة انتخابية منتفخة ولا تعبر عن حجمه الطبيعي.
أما في العام ٢٠١٩ وفي ظل الثورة الملونة التي اطلقتها اميركا ودول الخليج وبعض الدول الاوروبية في لبنان، هرب سعد الحريري من المسؤولية تاركًا خلفه بلدا كان يعتقد انه سيسقط ليعود بعدها ليرث كما من سبقه البلد لسنوات. لكن حسابات سعد الحريري التي اتته من الخارج لم تنجح في التركيبة اللبنانية فانتصر لبنان على مسلسل التدمير وفشل سعد الحريري في حركته الانقلابية في العام ٢٠١٩.
وفي العام ٢٠٢٠ عاد سعد الحريري من بوابة التعطيل الجديد متذرعًا بأنه يملك اكثرية سنية في البرلمان، لكن حس المسؤولية العالي الدقة لدى سعد الحريري جعله يخطف التكليف لاقل من عام بقليل ومن ثم التوجه نحو الاعتكاف الكبير والتخلي عن جمهوره والهروب الى الخارج.
بعد مسلسل الهروب والتعطيل، خرج سعد الحريري الى الجماهير التي يعتبرها غفيرة وكاسحة ليقول للناس بأنه غير معني بالعمل السياسي ولن يترشح او يتبنى ترشيح اي لائحة. هذا القرار أتى بحسب العارفين بخبايا الامور من الخارج وليس من سعد الحريري، وخاض سعد الحريري الانتخابات في الخفاء ليؤكد بأنه انتهى سياسيًا.
في العام ٢٠٢٢ خاضت ماكينة تيار المستقبل الانتخابات في الخفاء، وركزت على الدوائر ذات الثقل الازرق سابقًا فكان لها تلك الهزيمة التي اثبتت ان تيار المستقبل تشرذم شمالًا ولم يعد سوى عبارة عن حالة من الفراغ، لا بُدَّ والعمل على عودة الخط الوطني التاريخي لها.
في عكار تشتت جمهور المستقبل بين اللوائح، وعاد النائب السابق محمد يحيى ليعيد الى عكار زعامتها الوطنية، وليقصي آلة المستقبل عن الواجهة.
أما في دائرة طرابلس-المنية-الضنية، فخسرت طرابلس بداية رونقها الازرق بعد سقوط النائب مصطفى علوش وباتت المدينة لا يوجد فيها اي نائب مستقلبي. اما في المنية فتشرذمت الساحة بين مرشحي التيار الازرق، وكذلك الحال في الضنية، ففاز اصحاب النفس الازرق بمقعدين ولكن خسروا تيارهم الذي تاهت اصواته بين اللوائح.
ما حصل في شمال لبنان من شرذمة لتيار المستقبل يؤكد بأن التيار خرج عن السكة نحو الهاوية، فلا معاركه السياسية نجحت ولا معاركه الانتخابية نجحت، وقد يكون حان الوقت بأن تستعاد الساحة السنية من الشعبوية والعواطف التي سيطرت عليها لسنوات.