كتب الأستاذ ناصر الظنط: بالأخوة و التضامن نتجاوز المحن
صفر ستّة (06) هو الرّمز المفتاح لأرقام الهواتف الثّابتة في لبنان الشّمالي ، وهو الآن الرّمز أو الإسم لموقع إعلاميّ إخباريّ جديد . عندما تقرأ (06) ستعتبر نفسك أمام موقع إعلاميّ متخصّص بشؤون وشجون لبنان الشّمالي في أحيائه ومدنه ومناطقه وقضاياه ، وهو يستحقّ ذلك دون شكّ وريب، ولكن هل من الممكن فصل الشّمال بمشاكله ومعاناته عن سائر المناطق اللّبنانيّة ؟ فالأزمات الكبرى الّتي يشهدها لبنان على كافّة الصّعد السّياسيّة والإجتماعيّة والإقتصاديّة وغيرها من ماء وكهرباء وغذاء ودواء ، إستشفاء وغاز ، بنزين ومازوت ، واللّائحة تطول وتطول ، ناهيك عن كارثة انهيار سعر اللّيرة أمام العملات الأجنبيّة والّتي تُرخي بثقلها الكبير على سائر الأزمات. إنّها أزمات وتحدّيات تصيب البلد بمجمله ولا تطال فئة أو منطقة أو شريحة دون غيرها، رغم أنّ الشّمال اللّبناني هو الأكثر معاناة من سائر المناطق لأسباب حاليّة وسابقة. ما نريد الإشارة إليه أنّ الصّبغة الشّماليّة للموقع لن تكون عائقاً أمام تناول سائر القضايا والتّطوّرات العامّة ، لا على مستوى بلدنا فقط ، بل على مستوى المنطقة والعالم . فالتّداخل والتّفاعل بين القضايا والأزمات والتّحدّيات المحلّيّة والإقليميّة تزداد يوماً بعد يوم ، خاصّة بعد أن أصبح العالم بمثابة قرية كونيّة إثر ثورة المرئي والمسموع والخلوي والشّبكة العنكبوتيّة و....الخ.
فقلّما تجد حدثاً هامّاً ببلد دون أن يرخي بتأثيراته المباشرة أو الغير مباشرة على أغلب السّاحات، خاصّة لجهة الفعل أو ردّ الفعل ولو كان ذلك على المستوى الإعلامي في أقل تقدير. أما وقد أتاح لي القيّمون على هذا الموقع مشكورين ، مجالاً للكتابة والنّشر ، فسأسعى لتقديم مادّة متنوّعة ، آملاً أن تحمل فائدة وإيجابيّة ومساهمة في حمل هموم البلاد والعباد والسّعي للتّسديد والمقاربة (سدّدوا وقاربوا) في ظلّ أزمات متلاطمة ومعقّدة يكاد الحليم أن يكون حيراناً في سبر أغوارها وفهمها، والتّسديد والمقاربة تستدعيان الموضوعيّة في عرض الوقائع ، بغضّ النّظر عن العواطف والمشاعر والّتي لن يستطيع المرء تخطّيها أو إخفائها بشكل كامل. ولمّا كان المرء عاجزاً عن الإحاطة بكلّ ما يحدث من أحداث وتطوّرات هنا وهناك وبما أنّه ما لا يُدرك كلّه لا يُترك جلّه ، لذلك ترانا ننحاز إلى أبرز الأحداث الطّارئة والمستجدّة، والّتي تجلّت في أيامنا هذه بالكارثة الإنسانيّة الكبرى الّتي عصفت ببلدين شقيقين وجارين، تركيا وسوريا العزيزتين ، إنّه القضاء والقدر ، فلا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم ،إنّا للّه وإنّا إليه راجعون.
ومع هول الفاجعة وضخامتها برزت صور مشرقة عبر المبادرات الإغاثيّة الّتي جاءت من جهات رسميّة وشعبيّة لتقديم العون والمساعدة سواء في عمليّات الإنقاذ أو بالمعدّات الطّبّيّة والغذائيّة والإيوائيّة وغيرها ، وصولاً إلى الدّعاء وصلاة الغائب وكلّ مشاعر الحزن والتّعاضد والتّعاطف من كلّ بلاد العرب والمسلمين ، ممّا يؤكّد على حقيقة الأمّة الإسلاميّة الّتي تظهر أمام كلّ حدث أو مصيبة أو تحدّ أو مواجهة. لا بل يكاد المرء يقول أنّ المصيبة طالت بيوتنا جميعاً. صحيح أنّ أغلب الضّحايا أتراك وسوريّون ومن بينهم لبنانيّون وفلسطينيّون وغير ذلك، لكنّ مشاعر الألم دخلت قلوب وبيوت سائر العرب والمسلمين. ولا ننكر وجود مساعدات ومبادرات من خارج العالم الإسلاميّ شرقاً وغرباً، رغم ما تناقلته الأخبار عن إحجام بعض الدّول الغربيّة عن تقديم المساعدة لسوريا خوفاً أو التزاماً بقانون قيصر الأمريكي الّذي يفرض عقوبات وحصاراً على سوريا ، ممّا يشير إلى الوجه البشع لهؤلاء الّذين يتمسّكون بعنصريّتهم ومكائدهم السّياسيّة حتّى في ظلّ الأزمات والكوارث الإنسانيّة. إنّها المصيبة والفاجعة الّتي اجتاحت قلوبنا وعقولنا وبيوتنا بمشاعر الألم والحزن والخوف. نسأل اللّه تعالى الرّحمة للشّهداء والضّحايا، والشّفاء للجرحى والمصابين، والإنقاذ للأحياء، والعون للمشرّدين ،والتّعويض على الجميع، والتّيسير لإعادة البناء والتّرميم ، والحفظ للبلاد والعباد ،إنّه سميع مجيب.