طارت الإنتخابات البلديّة!
07 نيسان 2024

طارت الإنتخابات البلديّة!

عبد الكافي الصمد

يتعزّز يوماً بعد آخر الإنطباع بأنّ الإنتخابات البلديّة والإختيارية المقرّرة، مبدئياً، في شهر أيّار المقبل قد باتت فعليّاً في حكم المؤجّلة، برغم أنّ وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي يحرص على التأكيد أنّها ستجري في موعدها، وبأنّ وزارته إتخذت الإجراءات والتدابير كافّة لهذه الغاية، والتي كان آخرها إعلانه إجراء الجولة الأولى من هذه الإنتخابات في 12 أيّار المقبل في محافظة جبل لبنان، على أن يُعلن عن إجراء الجولات الأخرى من هذه الإنتخابات في بقية المحافظات تباعاً.

آخر حلقة من مسلسل إنطباع التأجيل السّائد هو ما أفاد به مصدر نيابي لقناة "الجديد"، السّبت 6 نيسان (إبريل) الجاري، بأنّه "من المتوقع تأجيل الإنتخابات البلدية في جلسة عامّة في مجلس النواب"، بعد تزاحمت في الأيّام الأخيرة مواقف يصبّ أغلبها في هذا الإطار، إستناداً إلى معطيات وتطوّرات لا يمكن تجاوزها ولا تجاهلها.

تقدم إحتمال التأجيل على احتمال إجراء الإستحقاق المحلي يعود في المقام الأوّل إلى العدوان الإسرائيلي على لبنان، المستمر منذ 183 يوماً بالتزامن مع عدوان مماثل يقوم به على قطاع غزّة، وهو عدوان طال أربع محافظات لبنانية من أصل ثمانية، هي محافظات الجنوب والنبطية والبقاع وبعلبك ـ الهرمل، ما يجعل إجراء الإنتخابات في هذه المحافظات أمراً متعذراً بعدما هجرها سكانها، وألحق العدوان أضراراً بشرية ومادية جسيمة فيها، وبالتالي فإنّ إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في أربع محافظات فقط لا يبدو واقعياً ولا مرجحاً.

ومع أنّ مولوي أكّد مراراً بأنّه يقوم بواجبه لجهة التحضيرات التي تقوم بها وزارته لهذه الغاية، فإنّ إستثناء إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في أربع محافظات فقط يحتاج إلى قانون يقرّ في مجلس النواب، بعدما رفض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن تتحمل حكومته "وزر" التأجيل، رامياً الكرة في مجلس النواب، الذي سيقف في الأيام المقبلة، بعد عطلة عيد الفطر، أمام خيارين: إما إقرار قانون بإجراء الإنتخابات المحلية مستثنياً المحافظات الأربع المذكورة التي تتعرض لعدوان إسرائيلي، أو إقرار قانون آخر يقضي بتمديد ولاية المجلس البلدية والإختيارية عاماً آخراً، حتى صيف العام 2025، بعد تمديدين حصلا في العامين 2022 و2023، ويبدو أنّ التمديد الثالث بات أمراً واقعاً.

لكنّ العدوان الإسرائيلي على لبنان ليس السبب الوحيد الذي يقف وراء ترجيح تأجيل الإنتخابات المحلية المرتقبة، وإنْ كان السبب الرئيسي والمباشر، ذلك أنّ أسباباً ودوافع أخرى تقف أيضاً وراء تأجيل الإنتخابات عاماً إضافياً على الأقل.
من هذه الأسباب الفراغ في سدّة رئاسة الجمهورية الذي يثير حنق القوى المسيحية التي تطالب بملء كرسي الرئاسة الأولى وعدم إجراء الإنتخابات البلدية أو أيّ إنتخابات قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، واعتراض البعض على إجراء حكومة تصريف أعمال يقاطعها عدد من الوزراء المحسوبين على قوى سياسية (التيّار الوطني الحرّ) هذه الإنتخابات، وعدم إستقرار الوضع الأمني في أنحاء البلاد كافة وإنْ بنسب متفاوتة، والشّكّ في تأمين الأموال اللازمة لإجراء إستحقاق الإنتخابات المحلية في ضوء شبه إفلاس تعاني منه الدولة، ومطالبة كثيرين بإقرار قانون إنتخابات جديد للبلديات بدلاً من  القانون الحالي الذي أكل الدهر عليه وشرب، وصولا إلى إنتخابات بلدية العاصمة بيروت التي تثير إنتخاباتها مخاوف القوى المسيحية من فقدانهم نصف أعضاء مجلس البلدي، في ضوء ما تكشفه إستطلاعات رأي تشير إلى أنّ الإنتخابات البلدية المقبلة في العاصمة ستسفر عن مجلس بلدي لا مناصفة فيه، وبأنّ عدد الأعضاء المسيحيين فيه، من أصل 24 عضواً، لن يزيد في أحسن الأحوال على أصابع اليد الواحدة.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen