مروان نجار كاتب ومنتج تلفزيوني ومخرج ظل وديكتاتور من أجل نجاح مسلسلاته وصدق شخصياته
خرج من بشمزين طامحاً يفتش عن إبرة ضائعة في كومة قش ، وعاد إليها قامة في نعش بقلم روبير فرنجيةحين تلقيت خبر وفاته كنت وراء الميكروفون في إذاعة صوت الغد أقدم برنامجي .
قلت بلحظة الحزن المباغت : بعد رحيل مروان محفوظ يغيب مروان نجار .
لوين يا مروان ع مهلك !
هل تتركنا قبل ديالا الجديد لتلتحق برفاقك في " ديالا " الأصلي : أنطوان وهند وإبراهيم ….؟
ليست ديالا وحدها المفجوعة بهذا الغياب بل مريانا وبنت الحي ومعهما أستاذ مندور ونادر " مش قادر " لا على الرثاء ولا على البكاء .
تعود اليوم إلى بشمزين كما عدت مع نعش شقيقك رمزي .
لا سلام ولا كلام بل دقات حزينة لجرس الكنيسة ونثر الورد والأرز على تابوتك كأننا في تمثيلية أو مشهدية أو " صارت معي " .
مروان نجار كانت له بشمزين الكورة مملكة حين كان أهله يجتمعون وكان البيت الوالدي قائماً وجلسات " تحت العريشي " سارية المفعول وطبخة عرق " الكركي " تتسلل رائحتها من شبابيك البيوت .
أرملته فريال والأولاد عاشوا بيروت ولم يختبروا الحياة الكورانية .
الكورة بالنسبة إليهم ليوم الإنتخابات ( بشمزين - سجل رقم واحد ) والتعزية بالأقارب والمعارف .
إلتقيته في المكتب وخارجه ، يستقبل ، يكتب ، بدون ، يجادل ويناقش ، بمنتج ويلاحق ، يتدخل بأدق التفاصيل حتى اللقطة ومرور الموسيقى التصويرية كأنه مخرج الظل لاعماله .
خارج المكتب على الغداء كنا نلتقيه أيام مجلة " الشبكة " ونتحادث مطولاً بالفن ونتفق ، في السياسة ترتفع نبرة أصواتنا ونتباين ، وفي الدراما نتشاجر شجار " الحما والكنة " .
كنا نلتقي على موائد كثيرة منها اللجنة التحكيمية للموركس دور .
كان حقاوياً بتصويته .
أذكره مثنياً على مسلسل " وأشرقت الشمس " للكاتبة منى طايع وأستعيده ينتقد مسلسل " كل الحب كل الغرام " ويسأل وقوفاً : هل الذي كتب المسلسل الرائع " النهر " هو ذاته من كتب كل الحب بكل حب وبغرام دون إنتقام .
وعلى سيرة هذا المسلسل الذي رحل كاتبه مروان العبد قبل إكمال حلقاته ، عرض المنتج إيلي معلوف على مروان نجار إكماله لكنهما لم يتفقا على التفاصيل وفشل موضوع : من مروان لمروان .
لم يكن لسانه رحوماً ولا دافئاً .
أذكر إنتفاضته على من حاول تغييب أعماله في التلفزيون ( جان كلود بولس ) التي إنطلقت سنة ١٩٧٧ والتي أثمرت أكثر من أربعين عملتً وفي المسرح ( عبيدو باشا )الذي أعطاه ٢٤ مسرحية منذ سنة ١٩٨٢ وعلى داعرة المسلسلات في السياسة حين أهانت أهل الفن لانهم ليسوا من تيارها السياسي .
أذكر كيف لم يتنازل عن أحاسيس المنتج حتى عندما تخلى عنه .
أذكر كيف أصر حين باع مسلسلاً للمنتج زياد الشويري لم ينفذ بعد بعنوان : " ليش لق "أن يمرر بنداً في العقد يشير أن إختيار الممثلين يتم بالتراضي بين الفريقين .
كيف لا أتذكر خصومته مع المنتج والمخرج نديم المنلا في مسلسل " سكت الورق " والتي بدأت بتجاوزه النص الغنائي ( التيتر ) ثم بالتعديلات على نصه ما جعله يقول : لم يعد مسلسل " سكت الورق " بل " أسكت الورق " .
كانت تهمه التيترات المتقنة كثيراً ، وكان الفنان فؤاد عواد وإبنته الفنانة الغائبة نادين عواد مفاتيح نجاح أغنيات مسلسلاته .
لم نزل لليوم ننشد : من أنت يا ديالا وبنت الحي ومريانا وطالبين القرب على طريقتنا وبيت من أحلى بيوت راس بيروت …
لا نزال حتى اليوم نردد تيتر برنامج الإعلامية مهى سلمى الذي كتبه دون أن يتقاضى أي فلس: مجلتي تشبه سلتي ،..
نجومه أولاده وشباب وشابات مثل أولاده .
بدايات أغلب نجوم الشاشة بعد الطائف في الجمهورية الدرامية الثانية كانت في " طالبين القرب " وهو طالما ردد أمامي هذه الجملة : " يوسف الخال بلش معي بمدى العمر وكان بعدو عذراء …."!.
ليس يوسف وحده بل الكثيرين في خلطات يجمع فيها الجيل الجديد بالمخضرمين الدين أحبهم وإعتبرهم خميرة العمل .
فضحت دموعه يوم مأتم كمال الحلو الذي رحل قبل اتمام دوره .
بكى وليم حسواني وظرفه وحرفيته ، فؤاد عواد وعوده ومزاوجته بين الإتزان والحس الكوميدي ، وليلى حكيم ختيارة بنت الحي وغطاس خوري ورنيه الديك وشقيقتها ميشلين ضو وميشال تابت طاغيته ، وخضر علاء الدين ماسح الأحذية وبيار شمعون نجم مسرحياته وغسان إسطفان وأبوة مسلسلاته .
قال لي مرة تعليقاً على كلام أدلى به حبيب قلبه إبنه المخرج زياد نجار حول غمزه من قناة أن أحد المخرجين تنقصه الخبرة : من يسمع زياد رغم موهبته يظنه مخرج عازف الليل وديالا ..
إرتاح مروان لعدسة إبنه كما كان مرتاحاً إلى أداء المخرجين المرحومين فارس الحاج ومكرم حنوش و إلى ميلاد أبي رعد وسمير حبشي .
أحب الكورة وفاخر أمامي بعلمها وثقافة مفكريها ومشاهيرها في الشعر والأدب والطب وصرح جامعة البلمند .
بشمزين هي التراب الذي غمر والديه جورج نجار وسلوى نقولا زيدان وشقيقيه .
بشمزين هي نكهة شخصياته وحواراته الضيعوية ، ألم يقل أن مريانا كورانية الأصل وبشمزينية الفصل .
كم أنت قوي لتجعل نجمة أعمالك فيفيان أنطونيوس كورانية كما كارول الحاج بعد زواجهما .