عبد الكريم الشعار يجود القرآن ويرنم لينشد التعايش الأصيل بصوته وإحساسه
بقلم روبير فرنجيةبينما كنت أبعثر بالأرشيف الغنائي وجدت تسجيلاً نافراً ومميزاً للفنان عبد الكريم الشعار يغني ما غناه الممثل درباس ( علي دنش ) من مونولوج في مسلسلات أبو سليم : شفتا عالبلكوني ضربتها سلام ( ما طلت سهام ) .
غريب كيف حول هذا الأصيل طقطوقة إلى لوحة طربية .
كيف جعل من أغنية درباس كتلة عالية من الإحساس .
إسمه الثلاثي على بطاقة الهوية عبد الكريم عبد الكريم الشعار، إبن مدينة طرابلس الذي لمع منذ طلته الأولى في أستديو الفن 1974 منتزعاً الميدالية الذهبية عن هذه الفئة بأداء الطرب والقدود الحلبية والموشحات . عرض عليه مراراً أن يظهر بإسم فني أو أن يحمل لقباً فرفض العرض المغري بما فيه ملك القدود وأمير الطرب وتمسك بإسمه كما هو على بطاقة الهوية : عبد الكريم عبد الكريم، وهو يشعر بإنتماء عاطفي كبير تجاه الإسم، لا سيما أنه تيمناً بوالده الذي رحل قبل أشهر من ولادته .
في هذه الدورة من أستديو الفن لمع من طرابلس هو والنجم وليد توفيق إضافة للفنانات منى المرعشلي وأمال طنب وهدى روحانا والشاعر عبد الغني طليس وغيرهم .
حافظ على مستواه الفني طوال مسيرته ولم يرتكب غلطة " الدعسة ناقصة " رغم إتهامه بالخمول .
جود القرآن الكريم وقدم ترنيمة جميلة إكراماً لوالدته .
إلتقيته مراراً وتكراراً ، مرات منفرداً ومرات مع كريمته الوارثة عنه خامة صوتية جميلة ، نجمة من نجوم " سوبر ستار " رنين الشعار .
تحدّث الشّعار عن أصالة الطرب التي لم تنقرض في صفوف الجاليات وكان عائداً من كندا، المليئة بالأعمال والنشاطات، حيث إلتقى بإبنته ريم وأحيا العديد من الحفلات الناجحة في مونتريال بإطار: " مزاج" و " كلثوميّات".
"شمس المغارب" كانت من أحَبّ الأغاني إلى قلبه لمنى مرعشلي، على الرغم من الكباش الذي حصل حول هذه الأغنية بينه وبين وليد توفيق ومنى مرعشلي معبراً عن فخره وفرحه عند كلّ مرة يسمعها بصوتها وهي من ألحان نور الملّاح وكلمات والده سامي الملاح ، وهو إذ يقدمها بصوته مرات في المقابلات أو الحفلات فإكراماً لروح منى المرعشلي التي غنت كثيراً .
هو من بيتٍ مُنفتح، لأبٍ مسلم وامّ مسيحية هي كلوديت القبرصي من بلدة بترومين - الكورة، والتي حسب قوله إستطاعت أن تحافظ على دينها بإصرارٍ من والده في ظلّ الجو الإنفتاحي الذي تتميّز به عائلته.
وعبّر الشعار عن وحدته بعد وفاة والدته التي خسرها مقدماً لها ترنيمة رائعة تترجم حزنه عليها.
لا غرابة أن يكون عبد الكريم يترجم تنشئة الإنفتاح في بيته فشقيقه كان مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار وإبنته رنين جسدت دور السيدة العذراء في مسرحية " السامرية " الأب يوسف طنوس أمام المطرب غسان الشدراوي الذي لعب دور السيد المسيح .
علاقته مع سلطان جورج وسوف علاقة حُبّ وإحترام، ودائماً ما شعر بالفخر في كلّ مرة كان فيها "أبو وديع" يختار من أغانيه ويسجلها مثل أغنية "وحدي أنا والكاس"التي كتبها الفنان إيلي الشويري ولحنها عازف البزق الشهير مطر محمد الذي لحن لصباح " أخدوا الريح " .
هذه الأغنية عاد إليها عبد الكريم بعد نصف قرن مستعيداً ملكيتها على خشبة مترو المدينة .
رفض الشعار المشاركة ببرنامج the voice رغم إصرارهم معلّقاً على مشاركة الفنان عبدو ياغي بالبرنامج بأن الأخير لم يكن بحاجة لإثبات نفسه فهو من الأصوات المميزة والأصيلة ، مستطرداً : هو الأدرى بمصلحته .
معاناته بعد إنفجار الرابع من آب لا تختصر بكلمات أو جروح حيث تدمّر منزله في بيروت وفضّل عدم ترميمه والعودة إليه.
"الكوكب مروكب"، هكذا يختم حديثه
عن الوضع السياسي متمنياً أن تعود الحياة للبنان الحبيب .
سألناه عن أغنية "صعب المنال يا غزال" التي لحنها النقيب المرحوم الفنان رفيق حبيقة وكتبها الشاعر شفيق المغربي وغناها عام ١٩٧٥ في إسطوانة من إنتاج شركة فيليپس العالمية Philips التي مضت عقد إنتاجها الأول مع فنان عربي وهو المطرب عبد الكريم الشعار فقال : في هذه الاغنية أثبت رفيق حبيقة أنه ليس قائداً بارزاً للفرق الموسيقية بل ملحناً ممتازاً .
وأضاف : للأسف إكتشفت مؤخراً أن الفنان نور مهنا نسب الأغنية له وقدَّمها في مهرجانات قرطاج على أنها أغنيته الخاصة قائلاً "رح سمعكن غنية جديدة إن شاء الله تعجبكن" وزعم أنها من ألحان الشيخ سيد درويش وسجَّلها أيضاً في الأستيديو ونسبها لنفسه ( الله يسامحو ) .
من حضر سهرة له يستغرب كيف يلون في برنامجه ويكرم وديع الصافي وفيلمون وهبه بصوته في أغنية " بترحلك مشوار " أو لوديع " الليل يا ليلى يعاتبني " ثم يكرم فيروز وسيد درويش بتأديته أغنية " الحلوة دي " ليعود إلى القدود الحلبية أو " قدك المياس يا عمري "ويكرم صباح فخري أجمل تكريم .
بالأمس قالوا سلاطين الطرب بأن عبد الكريم الشعار من أفضل الأصوات اللبنانية في أداء القدود الحلبية وهي شهادة نالها منذ نصف قرن .
عتب أهل الفن عليه يزداد : لماذا لا يدفع بأغنية " ديو " مع ابنته رنين .
من سمعهما في " الورد جميل " أو أغنية كالقومية يعرف عمق إنسجامهما في الأداء .
لكن …طوبى لجماهير عريضة لم تعد تسمع بالأذن بل بالأرجل و" على الواحدة ونصف " ايضاً !