نجاح سلام وأسعد السبعلي ويونس الإبن حكاية عمر وأصالة بنجاح وبسلام
بقلم رو بير فرنجيةأمام كاميرات تلفزيون طرابلس التابع للرئيس عمر كرامي في كانون الأول ١٩٩٤ حاورتها لساعة كاملة في بيتها بحضور شقيقها وبعض أقاربها .
لم تكن يومذاك إتخذت قراراً بإرتداء الحجاب والإبتعاد .
كانت كأنها موسوعة تاريخية ناطقة ومن لحم ودم في الفن .
تكلمت في السياسة وإستعادت الرئيس صائب سلام وقرنفلته وشعاره : لا غالب ولا مغلوب ….
لامت الرئيس تمام سلام وقالت : لم يكن يجب عليه مقاطعة الإنتخابات (١٩٩٢) فحضور هذه العائلة ضمانة للوطن والعروبة في البرلمان والسياسة اللبنانية .
حضرت صحيفة "اللواء " في الحلقة وجمعية المقاصد وإذاعة صوت الوطن التي كانت متأثرة لاقفالها .
عائلة كرامي وصلة القرابة مع آل سلام .
العلاقة التاريخية والجيرة البيروتية بين الرئيسين سليمان فرنجية وسلام وما ردده أهل زغرتا من رديات وعديات حين وصول فرنجية إلى سدة الرئاسة " ما بيصاقب غير صائب "( ترشيحاً له ليؤلف حكومة العهد الاولى ) …..
خاطبتني بإبن الأصل مراراً حين نهرت بأحد المصورين لكي ينتبه على مزهرية الكريستال وأن يدخن خارج البهو من أجل صحتها .
كانت الإضاءة قوية وهي لم تكن مرتاحة لبعض التجاعيد الطارئة .
وبدأ التصوير وأمطرتها بالأسئلة ،
محمد سلمان وفيلمون وهبة وصباح وأسعد السبعلي ويونس الإبن .
الكبار وعلاقتهم بالكبيرة .
حملتني سلاماً إلى السبعلي وسألتني " وين أيامو ؟ " وهل صحته على قده ؟
أخبرتني كيف غنت من شعره قبل أن تتعرف إليه " ع نار قلبي ناطر المكتوب " من ألحان فيلمون وهبة .
واستطردت : الفضل بذلك لزوجة فيلمون جورجيت التي عادت إلى البيت وقد لف " كندرتها " أحد السكافين ( الكندرجية ) بورقة مجلة بعثر فيها فيلمون ليجد قصيدة السبعلي فجعلها أغنية بصوتها .
تذكرت يونس الإبن ايضاً وقد غنت من شعره في المهرجانات والمغناة وواجهت معه الحساد والخيبات والمؤامرات .
سألتني عن رقم هاتف الممثل الطرابلسي عبدالله حمصي في طرابلس ( اسعد ) .
كانت تتحضر لتصوير فيديو كليب في تلفزيون المستقبل لأغنية " يا زمان الوفا أهلك وين راحوا " والمخرج يريده في المشهد لبث الحنين في نفوس المشاهدين .
أعتقد انها كانت مسك ختام وصلتها الغنائية في الحياة .
غنت في الحلقة امامنا " برهوم حاكيني زعلان سليني " وميل يا غزيل " و" حول يا غنام " متوقفة عند سرد حكايتها الشهيرة والتاريخية ثم " دخل عيونك حاكينا " .
سألتها عن سعيد إبن فيلمون وكان قد أعاد تقديم مجموعة من ألحان والده وبعضها من رصيدها في كوكتيل فردت : سمعته سعيد فنان في مهنته التي هي تزيين الوجوه وكفى .الغناء ليس موهبته ولا شغلته .
كانت منزعجة من مشاهد العري في الفيديو كليبات والأفلام ، ترثي الحشمة وتبكي العفة .
عرضت لنا مجموعة من اللقطات الفوتوغراف في السينما كممثلة بارزة وترحمت على وجوه إنضمت لها اليوم بعد أن سافرت في رحلتها الأخيرة .
بعد تصوير الحلقة بأربعة أيام إتصلت معاتبة وأخبرتني أن المسؤول عن الإضاءة عرض عينيها لأزمة حقيقية أدخلتها المستشفى .
أذكر أن مدير التلفزيون الأستاذ عثمان مجذوب سارع إلى إرسال سلة ورد مرفقة برسالة إعتذار .
كانت كبيرة بتقديرها الناس .
لا أنسى أبداً كيف إنتدبت شقيقها الأستاذ عبد الرحمن ليمثلها في إطلاق كتابي " غابت الشمس " في وزارة الثقافة وكيف أرسلت لي بخط يدها رسالة - وثيقة تتناول فيها علاقتها بالسبعلي وماذا قالت عني كإعلامي عرفته وإختبرت أخلاقه .
عاشت فنانة زوجة فنان شاركها النجاح وبقيت تقدره زوجاً وداعماً و أباً في لحظات الوفاء والجفاء .
٩٢ سنة عاشت نجاح سلام بنجاح وبسلام .
إنسحبت من الساحة في الوقت المناسب للانسحاب .
قلة نادرة من المطربين والمطربات ينسحبون في الوقت المناسب ويعترفون أن الكهولة للتقاعد وليست للمسرح .
إنها حكمة مسرح الحياة !.