المرفأ يُرمّم بلدية طرابلس: أين وعود الترميم السّابقة؟
03 كانون الثاني 2024

المرفأ يُرمّم بلدية طرابلس: أين وعود الترميم السّابقة؟

عبد الكافي الصمد  

يوم الثلاثاء في 26 كانون الأوّل الماضي زار وزير الأشغال العامّة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حميّة بلدية طرابلس، ومنها أعلن مبادرة إيجابية تمثلت في قيام مرفأ المدينة، الذي زاره حمية في اليوم نفسه مدشّناً تسلّمه 5 رافعات جديدة وصلت له للتّو من الصّين، بترميم مبنى البلدية المحترق على نفقته وبهبة منه، نظراً لوجود وفر مالي في المرفأ الذي فاقت إيراداته 500 في المئة في الفترة الأخيرة.

حميّة الذي كشف أنّ المبادرة جاءت بعد نقاش مع الرئيس نجيب ميقاتي وتوجيهاته، واتصالات واجتماعات مع الوزير وإدارة المرفأ وبلدية طرابلس، برّر مبادرة المرفأ إستناداً إلى "دوره الذي يرتكز على تطوير منشآته ومحيطه في طرابلس والشّمال"، و"الإستفادة من مرفأ طرابلس من أجل تطويره خدمة لأهلنا في الشّمال، ولا سيما في مدينة طرابلس"، بسبب "العجز في الخزينة العامّة والموازنة العامّة ومحدودية قدرة البلدية، التي حالت أسباب عدّة دون تمكنها من إعادة ترميم القصر البلدي".

مبادرة مرفأ طرابلس بترميم مبنى البلدية الذي تعرّض للحرق والإعتداء في 28 كانون الثاني من العام 2021، في غمرة حَرَاك 17 تشرين الأوّل 2019، أيّ قبل زهاء 3 سنوات، جاءت بعدما عجزت البلدية لأسباب عدّة عن ترميم مبناها الذي يعود بناؤه إلى أواخر القرن التاسع عشر خلال فترة العهد العثماني، وللخلافات التي دبّت داخل البلدية وأدّت إلى إسقاط رئيس بلديتها السّابق رياض يمق وعودة رئيسها الأسبق أحمد قمر الدين إلى رئاستها، برغم طعون قدّمها يمق إلى مجلس الشّورى الدولة جاءت نتيجتها لمصلحته، لكنّ الإرادة السّياسية كانت أقوى من قرارات مجلس الشّورى فأبقت الأمور على حالها.

بعد أيّام على إحراق مبنى البلدية تدفقت الوفود السّياسية لتعلن وقوفها إلى جانبها، ومن هناك أعلنت عن مبادرات لترميم المبنى على نفقتها وإعادته إلى سابق عهده. حينها أعلنت 4 وفود عن تكفّلها ترميم المبنى: تيّار المستقبل، تيّار العزم، الهيئة العليا للإغاثة ووكالة "تيكا" التركية، لكن الوعود بقيت بلا ترجمة، وتبين أنّها شعبوية وللمزايدة السياسية، إذ لم يشهد المبنى أيّ ضربة فيه، حيث ما تزال آثار الحريق والإعتداء، من الداخل والخارج، بادية عليه بوضوح حتى اليوم.

تأخير ترميم المبنى يعود لأسباب مختلفة، كان أبرزها تمسّك يمق بموقفه الداعي إلى توقيف المعتدين على مبنى البلدية أولاً، الذين أظهرت كاميرات المراقبة وجوههم بكل وضوح، وتأكيده أنّ أشرطة تلك الكاميرات موجودة لدى الأجهزة الأمنية.
ومع أنّ المجلس البلدي أطاح به وجاء بقمر الدين خلفاً له، فإنّ الأخير لم يبادر بدوره إلى إعادة إحياء هذه المبادرات ولا ترميم البلدية على نفقتها، حيث كان صندوق البلدية يحوي أكثر من 50 مليون دولار، لكنّ إنهيار الليرة اللبنانية جعل قيمة الموجودات في خزينة البلدية تتبخّر وتفقد قيمتها، وهي باتت بالكاد تكفي مصاريف البلدية العادية ودفع رواتب موظفيها.

ومع أنّ إدارة المرفأ التي أعلنت مبادرتها تحت شعار "نحن مجبورين ببعض"، وأنّ "إنماء طرابلس واجبنا كلنا"، فإنّ أسئلة عديدة تطرح في هذا السّياق عن أين أصبحت مبادرات الترميم السابق، من مبادرة تيّار المستقبل، إلى مبادرة تيّار العزم ورئيسه الرئيس نجيب ميقاتي، ومبادرة الهيئة العليا للإغاثة ومبادرة وكالة "تيكا"، ولماذا رمي العبء على مرفأ المدينة الذي بات المرفق الرئيسي الناشط فيها، وأما كان من الأجدى أن تُخصّص الأموال الفائضة لدى المرفأ في تطويره أكثر، نظراً للمستقبل الكبير الذي ينتظره، أو صرفها على مشاريع إنتاجية تؤمّن فرص عمل في مدينة تعيش تحت وطأة بطالة كبيرة، أو صرفها على مشاريع إستثمارية وربحية؟

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen