جعجع يطرح
24 كانون الأول 2023

جعجع يطرح "مشاورات جانبية" لانتخاب رئيس: إبتعادٌ عن المعارضة؟

عبد الكافي الصمد    

نسف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، يوم الخميس 21 كانون الأوّل الجاري، كلّ مواقفه السّابقة الرافضة لأيّ حوار أو ما شابه يسبق إنتخاب رئيس جديد للجمهورية ينهي الفراغ المستمر في قصر بعبدا منذ 31 تشرين الأوّل من العام 2022 بعد نهاية ولاية الرئيس السّابق للجمهورية ميشال عون، عندما أجرى ما يشبه عملية "إلتفاف" على دعوات الحوار التي وجّهها أكثر من مرّة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ورفضها جعجع تحديداً أكثر من سواه من الرافضين، بإعلانه مؤخّراً أنّ "الطريقة الوحيدة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية تكون بالمشاورات الجانبيّة".

لم يقتصر موقف جعجع المفاجىء عند ذلك، بل ذهب إلى حدّ قبوله بطرح برّي إنتخاب رئيس "توافقي"، وهي المرّة الأولى ـ منذ الفراغ الرئاسي ـ التي يقبل بها جعجع إنتخاب رئيس توافقي بعدما رفضه طويلاً وبشدّة، لكنّه إشترط أن يكون التوافق "على غرار ما حصل في موضوع تمديد سنّ التقاعد لقائد الجيش العماد جوزيف عون ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان"، في 15 الشهر الجاري، معتبراً أنّ جلسات طاولة الحوار السابقة "إستعراضية"، و"لم تؤتِ يوماً بثمرة واحدة".

مواقف جعجع الرافضة للحوار بهدف تقريب وجهات النظر والتوصّل إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية كادت تكون شبه يومية منذ الفراغ الرئاسي. ففي 13 كانون الأول من العام الماضي، أيّ قبل نحو عام ونيّف من الآن أعلن حزبه أنّه يرفض دعوة برّي للحوار لأنّه يعتبرها "بمثابة تعطيل لموجب دستوري كانتخاب رئيس للجمهورية، أو تمديد غير معروف الأفق السياسي ولا السقف الزمني لواقع الشّغور الرئاسي".


وفي العاشر من شهر آب العام الجاري، أيّ قبل أشهر، سأل جعجع في مقابلة صحافية ردّاً على سؤال: "ما الجدوى من الحوار؟"، مضيفاً: "إذا كانوا يطلبون منّا حواراً، فمع من تحديداً؟ مع الممانعة والتيّار؟ نحن دخلنا في آلاف آلاف التجارب مع الممانعة والتيّار ولم تنجح أيّ تجربة، والأخيرة تبينت نتيجتها، فهل نعيدها؟".


التناقض الذي وقع فيه جعجع بانتقاله من رفضه "الحوار" إلى قبوله طرح "مشاورات جانبية" لانتخاب الرئيس العتيد، من غير أن يعطي تفسيراً مقنع لهذا الإنتقال من ضفّة إلى أخرى، كان عبّر عنه بشكل واضح في المقابلة الصحافية التي أجريت معه في 10 آب الماضي، عندما إنتقد "الحوار الجانبي" الذي أجراه مع التيّار الوطني الحرّ وأثمر عام 2016 "تفاهم معراب"، وهو تفاهم قال جعجع عنه في المقابلة "يا ريتنا لم نتوصل إلى تفاهم معراب"، ما طرح سؤالاً: "على أيّ أساس يدعو جعجع إلى مشاورات جانبية لانتخاب رئيس جديد، وهو الذي أبدى أسفه وندمه على حوار جانبي أجراه مع التيّار البرتقالي وأوصل رئيسه إلى سدّة الرئاسة الأولى؟

بعد رفض جعجع "الحوار" الذي دعا إليه بري، وندمه على "الحوار الجانبي" الذي أجراه مع التيّار الوطني الحر، وقبل مبادرته بإجراء "مشاورات جانبية" لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا مانع لديه أن يكون توافقياً، كان جعجع قد أكّد أنّه "بصراحة، نحن كقوات لبنانية وتكتل جمهورية قوية وكمعارضة ليس عندنا حلاً إلّا البقاء على موقفنا"، فما الذي دعاه بعد التقلب في هذه المواقف إلى طرح مبادرته التشاورية الجانبية لإنهاء الفراغ الرئاسي؟

أكثر من ذلك، هل قبول جعجع إنتخاب رئيس توافقي يعني "نفض" يده من قوى المعارضة التي تبنّت بداية ترشيح رئيس حركة الإستقلال النائب ميشال معوض، وبعده وزير المالية السّابق جهاد أزعور، وصولاً إلى طرحهم إنتخاب قائد الجيش جوزيف عون وسواه كخيار ثالث، وهل يعني ذلك إقترابه ـ ولو تلميحاً ـ من قبول ترشيح رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية، المرشّح "الثابت" بين مرشّحين "متحوّلين"، الذي يلقى دعماً جذرياً من برّي وحزب الله وقوى وكتل نيابية حليفة؟
أسئلة تحتاج بلا شكّ إلى وقت ليس قصيراً للإجابة عليها.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen