بين الاستهداف اللاخلاقي والرد المناسب!
مرسال الترسفي التاريخ القديم للشعوب العديد من الممارسات اللاخلاقية في الحروب، منها على سبيل المثال لا الحصر (قطع الرؤوس ورفعها على الرماح من أجل إرهاب أهل المدن ودفعهم الى الهروب لإحتلال بلادهم بأسهل السبل).
وظن الكثير من الناس في عصرنا الحاضر وبعد أن أطل العالم على القرن الحادي والعشرين أنه باتت هناك أخلاقيات في التعاطي بين الناس وحتى في الحروب.
من منطلق أن الدول النامية والديمقراطية تتحدث بفخر واعتزاز عن اعتناقها الحرية وممارستها للديمقراطية بأبهى صورها.
الى أن أطل يوم السابع من تشرين الأول عام 2023 على إنطلاق مقاومة غير مسبوقة بآدائها لنظام مارس كل أنواع القمع والحقد ضد شعب منذ عشرات السنوات.
فما كان من ذلك النظام الاّ أن كشف عن وجهه الحقيقي في ممارسة الإجرام والإرهاب بدون رادع أو وازع أخلاقي!
وقد شهدت هذه الحرب (في ظل شبكات تواصل اجتماعي مثالية في انفتاح العالم باسره على بعضه البعض) نمطين متناقضين من التعبير عن الاخلاقيات بين العدو الاسرائيلي ورجال المقاومة في غزة والجنوب اللبناني:
♦فرجال المقاومة في غزة اختطفوا عشرات من المواطنين فعاملومهم افضل معاملة وفق ما هو متوفر لديهم في الأنفاق، فأمنوا الأدوية للمرضى وأفرجوا عن بعض النساء اللواتي يعانين من حالات مستعصية في أمراضهن.
بينما تناقلت وكالات الأنباء العالمية أن الجيش الاسرائيلي إختطف العديد من الجثث من مستشفى الشفاء من أجل سلخ جلودها وضمها الى "بنك الجلود" الفريد من نوعه على ارض فلسطين المحتلة من أجل معالجة الحروق البالغة لجنوده.
♦وفي حين تابع المواطنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي كيف أن رجال المقاومة يقاتلون بشجاعة ومن خلال "نقطة الصفر" في الالتحام مع الدبابات والعربات المدرعة.
كانت الطائرات الاسرائيلية تقصف المجمعات السكنية والمساجد والكنائس حيث يلجأ النازحون فيسقط من الأطفال والنساء ما يفوق الثلثين من الشهداء.
♦وبينما كان رجال المقاومة في الجنوب اللبناني يركزون على استهداف الجنود والمراكز والثكنات والآليات العسكرية دون أي شيء آخر ، كان جيش العدو يستهدف الأطفال والنساء في السيارات المدنية (استشهد أربع منهن في سيارة واحدة)، ومواقع النقل المباشر لمحطات التلفزة اللبنانية (استشهدت مراسلة ومصوران وجرح آخرون في حادثين منفصلين).
في التاريخ قصص كثيرة تحكي عن شجاعة المقاتلين وإدارتهم للحروب دون انتهاكات لأخلاقيات الفرسان، ويشهد العالم على الكثير منها في تصرفات رجال المقاومة.
وفي التاريخ الكثير من الروايات عن ميليشيات وجيوش مرتزقة أو دويلات فاشلة، ارتكبت انتهاكات جسيمة وتجاوزات القوانين الدولية واتفاقيات جنيف التي تضمنت ضرورة الحفاظ على الجرحى، والمرضى، والأسرى، والمدنيين، وتجنيبهم ويلات الحرب، دون أي محاسبة.
وهذا ما يلمسه العالم أجمع لدى العدو الاسرائيلي.
ولكن هذا العالم (على الأقل أنظمته وحكامه) يقف ساكتاً أو متفرجاً على دولة متغطرسة تملك أحد أقوى الجيوش في العالم من حيث التسليح، وتعمل على إقتلاع شعب من أرضه في القرن الحادي والعشرين من أجل إنشاء دولة ذات عرق واحد غير آبهة بكل القوانين الدولية!