الفراغ على رأس المؤسّسة العسكرية: هل من مخرج؟
عبد الكافي الصمدكما كان متوقعاً، لم تُعقد جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقرّرة اليوم (الإثنين 14 تشرين الثاني 2023) بسبب عدم إكتمال النصاب، بعدما حضرها إلى جانب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي 13 وزيراً فقط وغياب 10 وزراء عنها، الأمر الذي دفع ميقاتي إلى الإستعاضة عن الجلسة الحكومية بلقاء تشاوري مع الوزراء الذي حضروا إلى السرايا الحكومي الكبير.
وليس خافياً أنّ طرح بعض الأطراف والوزراء إقتراح التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي تنتهي ولايته في 10 كانون الثاني المقبل، أيّ بعد أقل من شهرين تقريباً، إضافة إلى تعيين رئيس للأركان نتيجة شغور المنصب، وإنْ من خارج جدول الأعمال، إنطلاقاً من أنّ "حماية المؤسّسة العسكرية واجب" كما قال قبيل الجلسة وزير البيئة ناصر ياسين، هو السبب الرئيسي الذي عطّل الجلسة الحكومية وأفقدها نصابها، بسبب رفض قوى سياسية مشاركة في الحكومة هذا الإقتراح، كلّ لأسبابه ودوافعه.
أبرز المعارضين تمديد ولاية قائد الجيش، تحت أيّ صيغة، هو التيّار الوطني الحرّ الذي أعلن رئيسه النائب جبران باسيل بوضوح، يوم الأحد الماضي (12 تشرين الثاني الجاري)، أنّ التمديد لقائد الجيش "غير شرعي"، فضلاً عن أنّ التمديد ـ كما يراه باسيل ـ يقطع على رئيس التيّار البرتقالي الطريق نحو رئاسة الجمهورية كون القائد يعتبر أحد أبرز المرشحين للمنصب، ما ترك إنطباعاً بأنّ باسيل قد أقفل كلّ الأبواب أمام التمديد للقائد، وتجنيب المؤسّسة العسكرية الفراغ على رأس قيادتها، وهو فراغ تكبر كلّ يوم المخاوف الأمنية من تداعياته في بلد يقف على صفيح ساخن.
وإذا كان غياب وزراء التيّار البرتقالي عن جلسات الحكومة منذ الفراغ الرئاسي قبل سنة تقريباً، مفهوماً، بسبب خلاف بين ميقاتي وباسيل على كيفية إدارة الحكومة للفراغ، كما أنّ حضور وزيري تيّار المردة جوني القرم وزياد مكاري ( كان في طريقه إلى حضور الجلسة قبل تبلغه تأجيلها) كان لافتاً برغم أنّ رئيس التيّار سليمان فرنجية يُعدّ المرشّح الأوفر حظّاً للرئاسة من بين منافسيه، فإنّه كان مثيراً للإنتباه غياب الوزيرين الدرزيين عن جلسة الحكومة، وهو غياب جاء في أعقاب أقل من يوم على زيارة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط إلى البترون والإلتقاء مع باسيل، في زيارة لم تغب عنها مناقشة كيفية ملء الفراغ على رأس المؤسّسة العسكرية، ومنها إستلام رئيس الأركان (وهو من حصّة الدروز) القيادة في غياب القائد، إلّا أن منصب رئيس الأركان حالياً شاغر، ولم يتم حتى الآن التفاهم على ملئه سواه بمفرده أم ضمن سلّة مع قائد الجيش.
ربط تطيير جلسة الحكومة بلقاء جنبلاط ـ باسيل، لإعطاء القضية مزيداً من التشاور، لم يمنع ميقاتي من تحديد يوم الإثنين المقبل (21 تشرين الثاني المقبل، قبل يوم واحد من ذكرى الإستقلال) موعداً جديداً من أجل عقد جلسة جديدة للحكومة، بعدما نُقل عنه قوله أمام الوزراء في اللقاء التشاوري قبل تطيير الجسلة أنّ "التمديد لقائد الجيش لن يحصل إلا بالتوافق، وهو ليس بوارد الذهاب بالموضوع على قاعدة التحدي".
غير أنّ قرار التمديد لقائد الجيش أو تأجيل تسريحه، يواجه عقبيتين إضافيتين تبدوان مرتبطيتن بالعقبات الأخرى، وهما:
أولاً: لا يوجد أيّ مخرج دستوري أو قانوني لحصول التمديد في حال بقاء الفرقاء المعارضين التمديد على مواقفهم.
وإذا كان تلويح البعض إتخاذ مجلس الوزراء قراراً بهذا المعنى من غير موافقة وتوقيع وزير الدفاع موريس سليم (المُقرّب من باسيل والمعني مباشرة بهكذا قرار)، فإنّ ذلك ستكون له إرتدادات سياسية ودستورية سلبية واسعة.
ثانياً: جدّد نوّاب سنّة (النائب وليد البعريني أحدهم) رفضهم التمديد لقائد الجيش من دون التمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي سيُحال إلى التقاعد في شهر حزيران المقبل، تحت قاعدة أن "ما ينطبق على الأول ينطبق على الثاني"؛ إضافة إلى بروز مطلب التمديد للنائب العام الإستئنافي القاضي غسان عويدات (تنتهي فترة ولايته في شهر أيّار المقبل)، الذي بدأت ترتفع أصوات ترفض إحالة مهامه بعد تقاعده، في حال عدم التمديد له أو تعيين بديل عنه، إلى قاضٍ من طائفة أخرى.