طمأنة سلام عن توافر سلع غير مطمئنة وهل لديه بدائل زياد الرحباني؟
08 تشرين الثاني 2023

طمأنة سلام عن توافر سلع غير مطمئنة وهل لديه بدائل زياد الرحباني؟

عبد الكافي الصمد              

في عام 1985، أيّ قبل نحو 38 سنة من اليوم، غنّى الفنان زياد الرحباني أغنيته الشهيرة "بهل اليومين"، التي أشار فيها إلى احتمال إنقطاع مواد أساسية وفقدانها من الأسواق اللبنانية، كالبنزين والمياه والحليب والخبز، فضلاً عن إنقطاع الطرقات بسبب ظروف الحرب والمعارك التي كانت تشهدها حينها مختلف المحاور وخطوط التماس في المناطق اللبنانية؛ وعندما أشار إلى احتمال فقدان الخبز دلّ على وجود بديل وحلّ مؤقت له، عندما غنّى: "يمكن رح ينقطع الخبز بهاليومين، بصل ويخنة ع يومين".


ومع أنّ الرحباني توقّع عامها أن ينقطع الخبز وسواه خلال يومين، على سبيل المثل والإستعارة، مع ما ينشب على ذلك من أزمة معيشية، واقتراحه بديلاً مؤقتاً عنه هو اليخنة والبصل، أيّ إستبدال الأكل بالخبز عبر الأكل بالملعقة، فإنّ وزير الإقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام طمأن اللبنانيين، بعد اجتماع اللجنة الوزارية للأمن الغذائي التي اجتمعت برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي في السرايا الحكومي الكبير، بأنه "لا وجود لأيّ أزمة تتعلق بموضوع كميات القمح والطحين الموجودة خلال هذه الفترة"، وبالتالي لم يكن هناك ضرورة ـ برأيه ـ لأن يقترح لهم بدائل عن الخبز على طريقة الرحباني.


لكنّ طمأنة سلام اللبنانيين إلى توافر مادة الطحين وبالتالي الخبز لم يكن كافياً، بل إنّ هذه "الطمأنة" أثارت قلقهم أكثر ممّا تركت لديهم إرتياحاً إلى أنّ أمنهم الغذائي في أيدٍ أمينة، أو بالأصح في أيدي "أمين"، عندما أشار إلى أنّ "موضوع إستيراد القمح يسير على الطريق الصحيح، والتمويل موجود بالتنسيق مع البنك الدولي"، كاشفاً أنّه "إتخذنا إجراءات إستباقية باستيراد كميّات أكبر من القمح بشكل سريع جدّاً، وطلبنا تعاون كافة الوزارات المعنية بإنهاء المعاملات لاستيراد ما يقارب نحو ستين ألف طنّ، ليكون لدينا مخزوناً يكفي نحو أربعة أشهر في حال حصول أيّ أمر طارىء"، بعدما أشار إلى أن "هناك تطمينات من المستوردين تفيد بأنّ هناك بضائع تكفي لثلاثة أشهر".


من خلال تصريح الوزير سلام يمكن الإستشفاف أنّ هناك سعي من قبل وزارته ومن حكومة تصريف الأعمال لتأمين مخزون من "لقمة العيش" يكفي مدّة 4 أشهر لمواجهة أيّ طارىء ما، وهو هنا يقصد إحتمال قيام إسرائيل بعدوان على لبنان، شبيه بالعدوان الذي تقوم به على قطاع غزة، وضربها مرافق البلد من مطار ومرافىء بما يعيق أيّ عملية إستيراد من الخارج للسلع والمواد الأساسية، بما فيها إستيراد القمح، وأن يقع البلد في أزمة كونه لا ينتج إلّا القليل جداً من هذه السلع والمواد، فيضطر إلى استيراد أغلبها من الخارج للبقاء واقفاً على قدميه.
غير أنّ "طمأنة" الوزير سلام المواطنين لا تبدو كافية، لأسباب كثيرة من أهمها سببين إثنين، هما:
أولاً: مضى على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أكثر من شهر، منذ 7 تشرين الأول الماضي، ومن حينها كانت المخاوف ترتفع يومياً من إمتداد العدوان الإسرائيلي إلى لبنان، وبالتالي فإنّ "تدبير" الوزير سلام وحكومة تصريف الأعمال تأخّر شهراً كاملاً وبضعة أيّام، وهي فترة كانت كافية لاتخاذ الإجراء المعلن عنه أمس، إذ أنّ قيام إسرائيل بالإعتداء على لبنان في السّاعات والأيّام المقبلة، وهي بالتأكيد لن تنتظر لبنان حتى يتخذ إحتياطاته لتعتدي عليه، من شأنه أن يجعل هذا التدبير الوزاري والحكومي وكأنّه لم يكن.


ثانياً: ينقل الوزير سلام عن مستوردين طمأنتهم بأنّ السلع الرئيسية الموجودة حالياً والمخزّنة في لبنان تكفي لمدة ثلاثة أشهر، لكنّ معلومات أخرى غير متداولة من نقابات مستوردي السّلع الغذائية والأدوية والمحروقات وغيرها تشير إلى العكس، وهي تعطي معلومات لا تطمئن أبداً، وأنّ بعضها ـ كالأدوية مثلاً ـ بالكاد تكفي أسبوعين إلى ثلاثة، وبالتالي فإن إستناد الوزير سلام إلى طمأنة المستوردين لطمأنة اللبنانيين أمر يحتاج إلى إعادة نظر، ما يطرح تساؤلاً: ما هي البدائل التي يقترحها الوزير سلام لانقطاع هذه السلع وغيرها كما اقترح الرحباني بدائل عنها قبل 38 عاماً؟

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen