"طوفان الأقصى" يجتاح الشّوارع والمواقف: لا مكان للرمادية
عبد الكافي الصمدينقل مقرّبون من مرجع سياسي قولهم إنّهم وجّهوا نصائح لشخصيات محسوبة على فريق المعارضة، تفيد أن يُقلّلوا من مواقفهم السّياسية المنتقدة لما قامت به الـــ مـــ قــ اومة في قطاع غزة ضد قوات الـــإحتـــ لال الـــإســـ رائيـــ لي خلال عملية "طوفان الأقصى"، لأنّ الشّارع الوطني والإسلامي في لبنان يغلي، وأنّه لن يغفر أو يسامح أو يجد عذراً لأيّ طرف سياسي لا يقف مع الـــ مـــ قــ اومة الفلسطينية وضد إســـ رائـــ يل.
ويوضح المقرّبون من المرجع السّياسي أنّ النصائح المذكورة أُبلغت مباشرة إلى قوى وشخصيات إعتادت الوقوف دائماً في الصف المناوىء للقضية الفلسطينية، وأنّها كانت تتهم، وما تزال، بأنّها "عملية" للصــــ هـــ اينة أو للغرب أو يتقاطعون معهم، وأنّهم قالوا لهم بصريح العبارة أنّ "الشّارع ليس مستعداً لسماع أيّ انتقاد للـــ مـــ قــ اومة الفلسطينية، أو غير داعمٍ لها في مواجهة الـــإحتـــ لال الـــإســـ رائيـــ لي، وإلّا فإنّ "الطوفان" الشّعبي المؤيّد للـــ مـــ قــ اومة سيجرفكم في طريقه، ولن يرحمكم".
ومع أنّ البعض شبّه التعاطف الكبير في الشّارع اللبناني، والشّارعين العربي والإسلامي، بالتعاطف الذي أبدته هذه الشّوارع في مراحل وحروب معينة مع الكيان الصـــ هيـــ وني، من حرب تشرين الأول (إكتوبر) عام 1973، إلى تـــ حـــ رير الجنوب اللبناني عام 2000، إلى الـــ عـــ دوان الـــإســـ رائـــ يلي على لبنان في تمّوز عام 2006، مروراً بجميع محطّات الإنتفاضة الفلسطينية والحروب الدائمة التي تشنّها قوات الـــإحتـــ لال على قطاع غزّة، فإنّ التعاطف هذه المرّة يبدو مختلفاً شكلاً ومضموناً.
أهمية عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها الـــ مـــ قــ اومة الفلسطينية، فجر يوم السّبت في 7 تشرين الأوّل الجاري، بأنّها تحققت في الداخل الفلسطيني وليس خارجه، وبأنّها حققت إنجازات لم يسبق أن شهدها الصراع العربي ـ الـــإســ رائـــ يلي منذ بدايته، وبأنّها كسرت شوكة الصـــ هـــ اينة وحطمت الأسطورة بأنّ الجيش الـــإســــ رائيـــ لي لا يُقهر فأذلته، وأنّها قلبت الصورة النمطية منذ نشأة الصراع، بإستثناء محطات قليلة، من أنّ الفلسطيني والعربي يظهر غالباً ضعيفاً وذليلاً ومهزوماً، وهو إمّا أسير أو شهـــ يد أو مُهجّر من أرضه وبيته المدمر، فانقلبت الصورة خلال ساعات قليلة رأساً على عقب، فأصبح الصـــ هـــ اينة هم في هذا الموقع، ما أسهم في رفع معنويات الشّارع الفلسطيني والعربي والإسلامي، وأعادة إليه عزته وكرامته وعنفوانه، إلى حدّ وصف فيه كثيرون بأنّ الصراع العربي ـ الـــاســـ رائيـــ لي إنتقل إلى مرحلة أخرى، وأنّه ما من عودة بعد الذي حصل إلى الوراء.
حجم التفاعل الكبير ومروحة التضامن الواسعة مع الـــ مـــ قــ اومة في غزّة لم تترك مجالاً حتى لأصحاب المواقف الرمادية حيالها، خصوصاً بعد المجازر التي ارتكبها ويرتكبها الــــإســــ رائيـــ ليون في قطاع غزّة، وتهديدهم بإقتحامه، ما أعاد إلى الأذهان المجازر التي قام بها الصـــ هـــ اينة ضد الفلسطينيين واللبنانيين والسّوريين والمصريين والأردنيين والعراقيين منذ تأسيس كيانهم عام 1948، الأمر الذي جعل حجم الغضب في الشّارع يكبر كما لم يحصل من قبل.
ولعلّ ما أسهم في تأجيج موجة الغضب والتضامن مع الــ مـــ قــ اومة الفلسطينية وقضيتها بهذا الحجم وهذه الحدّة ما نقلته وتنقله محطات التلفزة والفضائيات مباشرة على الهواء، فضلاً عن منصّات وسائل التواصل الإجتماعي التي أصبح الشّغل الشاغل لها هذه الأيّام ما يحصل في قطاع غزّة والأراضي الفلسطينية المحتلة، ما لم يترك فرصة لأيّ شخص متخاذل أو مهادن أو صاحب موقف رمادي أن يقف في وجه طوفان شعبي لم يعد يقبل بأيّ موقف ضد القضية الأم، أو أنصاف مواقف، خصوصاً وهو يرى دماء الفلسطينيين تسيل، وتحديداً الأطفال والنساء وكبار السنّ، والبيوت تدمّر فوق رؤوس ساكنيها، وتهديدهم بإبادة جماعية، أو تهجيرهم مجدّداً من أرضهم تحت تهديد السّلاح والإجتياح وارتكاب المجازر بحقهم، فقط لأنّهم رفضوا الإستسلام، وأصرّوا على التشبث بأرضهم وقضيتهم، وبذل الغالي والرخيص في سبيلها، وأثبتوا ويثبتون عن حق أنّهم "شعب الجبارين" الذي لا يُقهر.