نداء الوطن: طرابلس... بلديّتها موجودة وغائبة
مايز عبيدتُراكم بلدية طرابلس إخفاقاتها وابتعادها عن واقع أهلها ويراكم المسؤولون في المدينة تجاهلهم مطالب الناس.
في المقابل يُراكم الطرابلسيون انتقادهم المجلس البلدي والنواب والمسؤولين في المدينة، فيما تزداد فيه مساحات الفوضى وتكثر الإشكالات والأزمات.
لا يترك الطرابلسيون مناسبة إلّا ويعبّرون عن خيبة أملهم في بلديتهم التي لم تكن على مستوى الطموح.
من زمن نادر الغزال إلى عامر الرافعي، ومن الأخير إلى أحمد قمر الدين، ومن أحمد قمر الدين إلى رياض يمق، ومن يمق إلى قمر الدين مجدّداً والنتيجة لم تتغيّر، وآراء الناس بالبلدية لم تتغيّر هي الأخرى.
قبل وقوع الأزمة الاقتصادية في العام 2019 وبعدها لا تزال المجالس البلدية في طرابلس أقل من مستوى طموح الطرابلسيين. لم يقدّم أحمد قمر الدين - الذي تسلّم قبل نحو سنة رئاسة البلدية من رياض يمق - صورة مغايرة عن الصورة النمطية للبلدية، ولم يحقّق إنجازات وتغييرات وعد بها عندما تسلّم للمرّة الأخيرة، بينما سلفه يمق امتازت رئاسته بالمناكفات مع الأعضاء، ليبقى العجز هو السمة الغالبة على بلدية الفيحاء.
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي نفسه عندما التقى قمر الدين في آخر زيارة للسراي الحكومي، لم ينسَ أن يذكّره بضرورة الاهتمام بالشؤون الطرابلسية وأوضاع الطرقات، لكنّ ميقاتي نفسه لا يسلم من انتقادات الطرابلسيين لأنه لم يقم بالخدمات المطلوبة لتغيير واقع مدينته، إذ هناك دور على الدولة للنهوض بالمدينة، وهذا الدور مفقود.
أشياء كثيرة انتظر الطرابلسيون أن تتغيّر منذ سنوات، بالأخص مظاهر الفوضى المستشرية وغياب الأمن وانتشار السلاح في أيدي الشباب، إلى جانب العشوائية الطاغية على كل ساحات المدينة ومساحاتها.
انتظر الطرابلسيون أن تجمّل البلدية المدينة وساحاتها، وترمّم الأبنية التراثية وتعالج الأبنية المتصدّعة، وأن تستفيد من الأراضي بمشاريع استثمارية تشغيلية، ومن الوسطيات والمسبّعات... انتظروا أن تتجمّل شوارعهم، وتتزيّن وتُضاء، وتكون بحق مدينة العلم والعلماء، وأن تعقد البلدية الشراكات واتفاقيات التوأمة مع بلديات كبرى في الخارج، وأن تدعم المبادرات الفردية والجماعية للنهوض بطرابلس، إلا أنّ الواقع كان عكس ذلك تماماً.
يؤكد المحامي خالد صبح وهو عضو مجلس سابق لبلدية طرابلس لـ»نداء الوطن» أنّ «الغالبية العظمى من بلديات لبنان تعمل باللحم الحي كما يقال بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية المستفحلة التي أرخت بظلالها على أكثر القطاعات تماساً مع الناس.
وبلدية طرابلس إحداها وإن كانت تعتبر من البلديات الكبرى، واليوم عمال بلدية طرابلس وموظفوها وعلى الرغم من أن معاش الواحد منهم أقل من مئة دولار أميركي، إلا أنهم يقومون بواجباتهم تجاه أهلهم في المدينة، وإن بوتيرة أقل».
ويقول صبح: «المطلوب من رئيس البلدية وهو صاحب السلطة التنفيذية، ومن الأعضاء التفكير مليّاً باحتياجات المدينة الضرورية والعمل على تأمينها، حتى ولو كان من خلال المبادرات الفردية من أفراد ومؤسسات وجمعيات وجهات مانحة».
ويرى «أنّ بعض نواب طرابلس يكتفون بالتصريحات والخطابات في حين أن واقع المدينة من سيّئ إلى أسوأ، والفوضى تلفّها كما حزام الفقر والمطلوب منهم أن يجتمعوا على رؤية لمعالجة مشاكل المدينة في ظل غياب شبه تام لمؤسسات الدولة».