أوتيل الجزّار التراثي في سير ـ الضنّية: مهدّد بالإقفال والبيع؟
03 تشرين الأول 2023

أوتيل الجزّار التراثي في سير ـ الضنّية: مهدّد بالإقفال والبيع؟

عبد الكافي الصمد  

 قبل أيّام قليلة، وتحديداً الأسبوع الماضي، أثارت المعلومات التي نُشرت على منصّات وسائل التواصل الإجتماعي حول احتمال بيع أو إقفال فندق "سير بالاس أوتيل" التراثي، المعروف باسم أوتيل الجزّار نسبة لصاحبه جزّار رعد في بلدة سير ـ الضنّية، نقاشاً واسعاً في المنطقة وطرابلس وجوارهما، ودعوات واسعة إلى الحفاظ عليه وعدم إهماله، سواء من قبل البلدية أو من قبل وزارتي الثقافة والسّياحة، ووضعه على لائحة المعالم السياحية في الضنية ولبنان، نظراً لما يتميّز به من معالم عمرانية لافتة، وكونه كان شاهداً على قسم كبير من تاريخ الضنّية ولبنان على الصّعد السّياسية والسّياحية والثّقافية والفنية، ويعتبر جزءاً هاماً من ذاكرة المنطقة وتاريخها في هذه المجالات.


الضجّة بدأت عندما نشر المحامي محمد نديم الجسر بوستاً على صفحته على الفايسبوك، إبن طرابلس الذي تربطه ببلدة سير روابط عائلية كون والدته من البلدة وما يزال يمضي صيفيته فيها، أشار فيه إلى أنّه فوجىء نهاية الأسبوع الماضي بهدم منزل قديم تعود ملكيته إلى جزّار رعد، مالك الفندق، وأنّ الفندق نفسه معروض للبيع، برغم أنّ حفيد باني الفندق عمّار آغا هو المشرف عليه حالياً، وأدخل عليه تحسينات عدّة في السّنوات الأخيرة أبقاه مفتوحاً أمام زوّار البلدة والسيّاح والمصطافين الذين يأتون إليها من مختلف المناطق.

الجسر الذي اعتبر أنّ هدم المنزل شكّل صدمة له، وأنّ الحديث عن بيع الفندق شكّل صدمة أعظم وأشد، سأل: "أين كنتِ يا سير وأين أصبحتِ، وإلى أين تمضين في الإمعان بالتخلي عن وجهك المشرق وجزء من تاريخك وتراثك؟"، مضيفاً أنّ جزار رعد "كان من أبرز المنتمين إلى هذه العائلة المتجذّرة منذ أكثر من خمسماية سنة في الضنّية.

رجل فذّ بكلّ ما لهذه الكلمة من مضامين ومعاني.

فهو بنى الفندق في سنة 1934، أيّ منذ قرن من الزمن تقريباً، وجاء بالكهرباء إلى بلدته، وتجرّأ فأدخل الشّاشة الآسرة إلى سير بإنشائه سينما صيفية مجاورة لفندقه المعلم التراثي الشّاهد على حبّه لمسقط رأسه وعلى فكره المتوقّد، وعلى إنفتاحه ورؤياه المتقدمة أشواطاً بعيدة في محيطه".


ودعا الجسر أهالي سير وفي مقدمهم رئيس البلدية أحمد علم أن يحملوا وزارتي الثقافة والسياحة على "إدخال الفندق في لائحة الأبنية التراثية التي لا يجوز مطلقاً هدمها".


الفندق المكوّن من 3 طبقات ويشتهر باللونين الأحمر والأبيض، وطريقة بنائه الفريدة في المنطقة وزجاجه الملون وبلاطه الذي بات نادراً هذه الأيّام، وأثاثه القديم الذي ما يزال محافظاً على جودته، وباحته الواسعة، وحديقته التي كانت تستقبل السيّاح وتقام فيها الحفلات والسهرات، جاءت ردود الفعل على منشور الجسر المتلعقة به واسعة جدّاً في الضنّية وطرابلس معاً.

فالفنان التشكيلي نديم فتفت، إبن البلدة، رأى في تعليق له أنّ "الجميع يشارك في إنهاء دور مصيف سير.

سير أعطت ولم تأخذ.

سير بحاجة إلى لجنة إحياء لتعود منارة السياحة"، معتبراً أنّ "فندق الجزّار يُشكّل صورة حضارية عن البلدة".


وإعتبر الأمين العام السابق للمنتدى الثقافي في الضنية زياد جمال أنّه "مؤلم جدًا ما آلت إليه الأوضاع في بلدة سير العزيزة.

سقى الله أيامها الجميلة الغابرة وبئس اليد التي خربت".


وحضّ رئيس لجنة الآثار والتراث في بلدية طرابلس خالد تدمري فعاليات الضنّية الإجتماعية والثقافية والتربوية أن "تتخذ موقفاً من هذين الحدثين المؤسفين القاضيين بخسارة واحتمال هدم معالم تشكّل ذاكرة المكان، على رأسها إتحاد بلديات الضنية والمنتدى الثقافي في الضنية، حيث لا ينبغي التساهل أبداً مع هدم وخسارة المزيد من التراث العمراني والتاريخي والثقافي للمنطقة الذي يشكّل ذاكرتها، والذي لا تحتضن الضنّية إلا القليل منه بالمقارنة مع باقي أقضية ومناطق لبنان".

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen