هل توقف اللجنة الخماسية مساعداتها المالية للبنان بعد فشل موفديها؟
عبد الكافي الصمدتهديد بالغ الخطورة تضمّنه كلام الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان، جان إيف لودريان، في الحديث الذي أدلى به إلى وكالة الصحافة الفرنسية الثلاثاء 26 أيلول الجاري، عندما أشار إلى أنّ الدول الخمس التي تتابع الملف اللبناني، السّعودية ومصر وقطر وفرنسا والولايات المتحدة، أو ما بات يعرف بإسم "اللجنة الخماسية"، "منزعجة للغاية" من وصول المساعي بما يتعلق بإستحقاق إنتخابات رئاسة الجمهورية إلى حائط مسدود، وأنّ هذه الدول "تتساءل عن جدوى إستمرار تمويل لبنان".
هذا "الإنزعاج" من قبل الدول الخمس الذي وصل بهم إلى حدود التساؤل عن "جدوى" مدّ لبنان بالأموال، هو أخطر ما تضمّنه كلام لودريان، برغم أنّ البعض توقّف عند كلام آخر له، لغايات في نفس يعقوب، مثل فشل مهمّته التي دفعته للمجيء إلى لبنان 3 مرّات وعاد منها في نهاية المطاف خالي الوفاض، وأنّه قد يأتي إلى لبنان لمرّة رابعة وأخيرة لإبلاغ المسؤولين في لبنان "قراراً مرّاً"، ودعوته لهم إلى إيجاد "خيار ثالث" بما يتعلق بالإستحقاق الرئاسي، الأمر الذي يعني أنّ المبادرة الفرنسية القائمة على ثنائي سليمان فرنجية ـ نواف سلام (الأول لرئاسة الجمهورية والثاني لرئاسة الحكومة) قد انتهت، وبالتالي إنتهاء مهمّة لودريان.
وإذا كان لودريان قد سلّم مهمّته، بشكل غير مباشر، إلى كلّ من السّفير السّعودي في لبنان وليد البخاري، الذي جمع في دارته مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وعدد من النوّاب السنّة مع لودريان قبل مغادرته لبنان، ما جعله يبدو وكأنّه يمارس "وصاية" معينة عليهم، وإلى الموفد القطري إلى لبنان الشيخ جاسم بن فهد آل ثاني، الذي حطّ في لبنان وبدأ جولته فيه بعيداً عن الأضواء ما إنْ غادر لودريان بلاد الأرز، فإنّ مصير جهود البخاري وآل ثاني وحظّهما بالنجاح لا يبدو أنّها ستكون أفضل من مآل لودريان.
ما سبق من فشل مهمة موفد خارجي، وفشل ينتظر سفير أو موفد خارجي آخر، إلى جانب إعلان رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي تجميد مبادرته الحوارية، وتهديد أعضاء اللجنة الخماسية بإيقاف حنفية المساعدات المالية إلى لبنان، ما سيجعله يختنق أكثر مالياً وإقتصادياً ومعيشياً، جاء في أعقاب كلام واضح أعلنه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني من على منبر الأمم المتحدة في نيويورك، عن أن "الخطر أصبح يُهدّد مؤسسات الدولة في لبنان"، وكاشفاً عن وجود "تباين" بين أعضاء اللجنة الخماسية، ما طرح تساؤلات عديدة حول مصير هذه اللجنة بحدّ ذاتها، وهل تجمّد دورها أم انتهى، كما هو الحال بالنسبة لحال الموفدين الدوليين، وما البديل، وإلى أين ينزلق لبنان وسط هذه المتاهة إذا جرى التخلّي عنه سياسياً ومالياً؟
لا أجوبة عن هذه الأسئلة وغيرها في الأفق المنظور، كما أن الأجوبة عن أسئلة حول مصير الإستحقاق الرئاسي وتدهور الأوضاع الإقتصادية والمالية والمعيشية والإجتماعية، إلى جانب الإنقسام السياسي الذي يزداد يوماً بعد آخر، باتت لا تحمل أيّ بصيص أمل بإخراج البلد من عنق الزجاجة، وإيقاف إنزلاقه أكثر نحو المجهول.
وما يزيد نسب القلق ممّا قد تحمله الأيّام المقبلة من مخاطر أنّ تهديد اللجنة الخماسية بإيقاف تمويل لبنان، يأتي في زمن تعاني فيه البلاد من إنهيار مالي غير مسبوق، ومن تلويح الدولة على لسان وزارة المالية فيها أنّ رواتب الموظّفين في القطاع العام بالكاد تستطيع تأمينها، ما يعني بأنّ البلد أفلس أو كاد، وبأنّه يسير بخطى وئيدة نحو مصير قاتم ينتظره في المرحلة المقبلة.