تسوية لبنان تطلبت فصلاً جديداً من التأخير!
مرسال الترسبات واضحاً أن التسوية التي لاحت في الأجواء اللبنانية مع نهاية شهر أيلول ومطلع تشرين الأول بالتزامن مع طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري مبادرته الحوارية التي تلاقي في جانب منها الأصوات المعارضة التي تصر على جلسات انتخابية مفتوحة. وكانت تلك التسوية مشفوعة بالعودة الثالثة للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت ، في وقت لاحظ فيه عدد من المراقبين أن بري ولودريان يعزفان على منوال مشترك. ولكن الحلحلة التي كانت متوقعة في الأقليم لم تكتمل فصولاً وتطلبت فسحة جديدة من التمحيص والدرس الذي يتطلب مرحلة من التأخير قد تجر الى مطلع السنة الجديدة.
فلأن اللبنانيين بشكل عام غير مؤهلين لحل مشاكلهم بأنفسهم، ولأن مجلس نوابهم ليس "سيد نفسه" كما يدّعي اركان السلطة، نتيجة "التناطح الأعمى" الذي لا ينتهي على أهم الأمور وأبسطها.
كان من البديهي أن يرتبط حل أزماتنا التي لا تعد ولا تُحصى بالتجاذبات الأقليمية والدولية التي تضع مصالحها واستراتيجياتها في رأس الأولويات.
فعلى سبيل المثال لا الحصر باتت أزماتنا مرتبطة بالمحاور التالية:
*التقارب السعودي – الإيراني الذي يسجّل خطوات بطيئة ولكن ملموسة، إن على مستوى إعادة التمثيل الديبلوماسي بينهما أو الزيارات على مستوى كبار المسؤولين. وعلى هامشها ما ظهر في الأيام القليلة الماضية من دعوة وفد حوثي إلى الرياض للتشاور في مستقبل الأزمة اليمنية التي ترافقت مع حروب وصراعات عدة شَغلت بال معظم دول الخليج طوال السنوات العشر الماضية.
وبين هذا وذاك هناك حديث متصاعد بين عدد من المتابعين عن إمكانية فتح خطوط تواصل بين العاصمة السعودية ومسؤولين في حــــ زبـــ الــــلـــ ه.
*التحدي الحاصل بين القارة الأوروبية والدول المتوسطية التي تحملت أعباء النازحين السوريين خلال دزينة السنوات المنصرمة ومنها بالتأكيد لبنان، وكيفية الخروج من هذه الدوامة التي قد تتحول قاتلة للجميع، إذا ما "إنفلت الملّق" في لبنان وبدأ تدفق النزوح باتجاه القارة العجوز.
*يلاحظ العديد من المراقبين أن التنافس الحاصل بين الدول الكبرى على الكلمة الفصل في لبنان يعود بشكل محوري الى من سيمسك بناصية الثروة النفطية والغازية لهذا البلد الذي تشتت قواه الصراعات، وهذا التنافس يمتد بالتأكيد إلى السياسة وبالتالي الاستحقاق الرئاسي الذي سيكون رأس حربة في إدارة الثروات ولاسيما اذا كانت واعدة كما يتوقع لها العديد من الخبراء.
وبالتالي فأول بوادر الثروة لن تظهر قبل شهر تشرين الثاني كما رسم لنا أهل الحل والربط في الخارج الذين يتحفوننا دائماً بالموفدين، وعليه بات واضحاً أنه لن تسجّل حلحلة في الملف الرئاسي قبل رأس السنة الجديدة على أقرب التقديرات، وعليه فإن إضافة ثلاثة أشهر إلى سنوات من الأزمات لن "يفسد في الود قضية"!