الأبنية المتصدّعة في طرابلس: مسؤولية ضائعة
مخيّبة كانت النتيجة التي خرج بها المؤتمر الذي نظمته نقابة المهندسين في الشّمال، يوم السبت الماضي، بالتعاون مع إتحاد المهندسين العرب، تحت عنوان: “الأبنية المتصدّعة وخطرها على السلامة العامّة” في قاعة المؤتمرات بمبنى النقابة بطرابلس، حيث كانت النتائج التي أسفر عنها ذلك المؤتمر أقلّ من المتوقع بكثير.
ملاحظات كثيرة أُبديت حول المؤتمر، من أبرزها ما يلي:
أولا: لم يخرج المؤتمر، الذي وُصف بأنّه “أول مؤتمر يعالج الأبنية المتصدّعة وخطرها على السّلامة العامّة في مدينة طرابلس” بأيّ توصيات يمكن البناء عليها والإستفادة منها مستقبلاً من أجل معالجة مشكلة مستفحلة في المدينة باتت تشكّل خطراً فعلياً على حياة المواطنين، إذ جرى الإكتفاء بإلقاء كلمات إنشائية جعلت مفعول المؤتمر ينتهي بانتهائه.
ثانياً: غاب عن المؤتمر جهات رسمية كان يُفترض أن تحضره وتشارك فيه كونها معنية مباشرة بالموضوع، وتحديداً وزارة الأشغال. كما غابت عن المؤتمر أيّ كلمة أو مداخلة لبلدية طرابلس أو الهيئة العليا للإغاثة، وهما معنيان مباشرة بالأمر، برغم أنّ رئيس البلدية أحمد قمر الدين والأمين العام لهيئة الإغاثة اللواء محمد خير كانا موجودين في المؤتمر، وقد جلسا في الصفّ الأمامي.
ثالثاً: غاب عن المؤتمر، حضوراً وكلمات ومداخلات أيّ ممثل عن لجنة مالكي الأبنية المتصدّعة أو مستأجريها، وهما أصحاب العلاقة، ليشرحوا وجهة نظرهم في الموضوع، وما الذي ان يفعلوه لمواجهة خطر إنهيار هذه الأبنية فوق رؤوسهم، واحتمال سقوط ضحايا. وأنّ ما تقوم به الجهات الرسمية ـ البلدية تحديداً ـ بالكشف على الأبنية المهدّدة بالإنهيار وإنذار قاطنيها بضرورة إخلائها خلال فترة زمنية، من غير تقديم أيّ مساعدات أو بدائل لهم، يُشبه الطبيب الذي يقوم بتشخيص مرض شخص ما من غير أن يُقدّم له الدواء والعلاج اللازمين.
رابعاً: رافق المؤتمر مفارقة لافتة تمثلت في تصدّر الصفوف الأمامية نواب وشخصيات سياسية كان لها دور فاعل في أوقات سابقة في تغطية أشخاص قاموا بمخالفات بناء فوق أبنية قديمة ومتصدّعة، ما زاد من احتمال خطر إنهيارها مستقبلاً.
خامساً: غابت الجمعيات الأهلية وهيئات المجتمع المدني عن المؤتمر، سواء بالحضور أو في إلقاء كلمات ومداخلات، وهي جمعيات وهيئات يمكن الاستعانة بها لأداء أدوار مساعدة وهامّة لمواجهة خطر إنهيار أبنية متصدّعة في طرابلس، يُقدّرها البعض بأكثر من 600 مبنى.
سادساً: توقف كثيرون عند حضور وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسّام مولوي المؤتمر المذكور الذي عقد برعايته الذي رأى في كلمته أنّ مسؤولية الأبنية المتصدّعة في كلّ لبنان يجب أن تكون “مسؤولية مشتركة، لا تتقاذفها الجهات المختلفة”. فهو لم يُشِر إلى مسؤولية وزارته في هذا الصدد، وهي مسؤولية هامّة وأساسية. كما طُرحت تساؤلات حول غياب كلمة الوزير مولوي عند التطرّق إلى الخطة الأمنية “غير الناجحة” في طرابلس، وهي من مسؤولية وزارته مباشرة، بينما مسؤولية الأبنية المتصدّعة مشتركة بين وزارته وجهات رسمية وأهلية أخرى.