الديار: تناقضات في بلدة بزبينا العكاريّة ومخاوف جدّية على مواردها الطبيعيّة
مصباح العليطفا على سطح الأزمات المتراكمة عمليات قطع الأشجار من غابات بزبينا الحرجية، الممتدة على مساحة حوالى 300 هكتار من أصل 600 هكتار تقريبا هي مساحة البلدة.
الجريمة البيئية تتم بتقصير إن لم يكن بتواطؤ الإدارة المحلية تحت حجة الظروف الاقتصادية الصعبة وغلاء المحروقات للتدفئة، بينما يشير مطلعون إلى مافيا تحظى بحماية، تعمد إلى قطع الأشجار وبيعها بأسعار تتراوح بين ١٧٥ إلى ٢٠٠ $ لطن الحطب.
قضية أحراج بزبينا، تعتبر نموذجا عن سوء الإدارة والتي تشمل مياه الشفة، التعاونية الزراعية، ونادي خريجي مدرسة بزبينا الرسمية، ومشروع الصرف الصحي، وغيرها ما يزيد من حدة الانقسامات المحلية داخل البلدة التي كانت مثالا يحتذى بالعمل التعاوني بين أبنائها.
عن عمليات قطع الأشجار، وفق المعطيات من داخل البلدة، بدأت مع مطلع الخريف الماضي ولم تهدأ نسبيا الا مؤخرا بعد تكاثر الشكاوى لدى المراجع المختصة، لكنها تزامنت أيضا مع طرح مشروع الحد من تدهور الأراضي الجبلية/الحرجية Land Degradation Neutrality of Mountain Landscapes in Lebanon-UNDP -MoE في غابات جبيل وعكار الذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة بتمويل من global environment facility (gef) بالتشارك مع وزارة البيئة.
للغاية، عقد اجتماع عام في بلدية بزبينا بتاريخ 19 آب 2022، أبدى خلاله نصف الحضور خشيتهم من تعرض الاحراج الى إبادة حقيقة عبر استغلال فكرة التشحيل التي هي حقيقة قطع وتفريد، بسبب سوابق في ظل غياب ضمانات حقيقية، فضلا عن الثقة المفقودة بالإدارة المحلية على جميع الصعد، الأمر وفق هذا الرأي لن يقتصر على التشحيل، وهناك مخاوف جدية عكستها هواجس تتعلق بلجنة إدارة المشروع وكيفية المراقبة و توزيع الناتج من التشحيل ومن هي الجهة الضامنة لإدارة عمليات التفريد والمساحة المحددة لذلك؟، ومن هم الفقراء المستفيدون من المشروع ؟ وهل هؤلاء لا يستفيدون حقيقة من مساعدات وزارة الشؤون الاجتماعية المالية؟
تلك الأسئلة وغيرها دفعت برئيس البلدية المحامي طارق خبازي إلى فقدان أعصابه والتهجم على أحد أبناء البلدة، لمجرد إعلانه عدم الثقة بالبلدية لإدارة هكذا مشروع الذي يحتاج الى رقابة صارمة .
تلك المخاوف، لم تجد حتى الآن إجابات واضحة ومحددة، بل لوحظ حصر علاقة الجهة المنفذة للمشروع بلجنة شكلها رئيس البلدية خبازي بطريقة استنسابية مما زاد من الشكوك بخلفيات المشروع وأهدافه، الأمر الذي دفع المعترضين إلى توقيع عريضة موجهة إلى وزيري البيئة والزراعة وإدارة المشروع والجهة الملتزمة تنفيذه AFDC حيث أبدوا اعتراضهم على خطة إدارة الغابات في بزبينا، بداعي مكافحة الحرائق، معللين الأسباب الموجبة لاعتراضهم، وتم تسجيل الشكاوى في سجلات الوزارتين، كون هكذا مشروع يجب أن يحصل على أذونات من مديرية التنمية الريفية والثروات الطبيعية في وزارة الزراعة، إضافة الى دراسة أثر بيئي من وزارة البيئة.
ومما جاء في العريضة
"أن بلدية بزبينا لم تراعِ الأصول المتبعة لناحية الدعوة حيث تم إخطار العامة قبل يومين فقط بغياب مندوب عن وزارة الزراعة صاحبة الصلاحية في منح الموافقات لقطع أو تشحيل الأشجار؛
وبعد أن تم الاتفاق مع مندوب البرنامج على التحضير إلى اجتماع عام لأخذ رأي أكبر عينة من أهالي بلدة بزبينا، عمد رئيس البلدية إلى تهريب هذا الاجتماع حيث دعا هاتفيا بعض الأشخاص لثلاثة مواعيد متتالية من دون نشر الدعوة على الصفحة الرسمية للبلدية او في أماكن عامة، حيث كان يتم تأجيل كل اجتماع قبل بضع ساعات بطريقة ملتبسة، ولم يحصل هذا الاجتماع قط، إلى أن عمد مؤخرا إلى إنشاء لجنة لمتابعة هذه الخطة تضم فقط فئة قليلة من المحسوبين عليه أثناء اجتماع عُقد بتاريخ 13/أيلول/2022 مع مندوب البرنامج من دون الأخذ بعين الاعتبار رأي غالبية أهالي البلدة.
ولما كانت هذه الخطة تهدف إلى قطع وتشحيل بقعة من الأشجار الموجودة في أملاك عامة وخاصة؛
ولما كان هناك اعتراض على هذه الخطة بسبب:
1ـ عدم جدواها لمنع الحرائق إذ إنه يمكن بكل سهولة وببساطة أن يعمد أي شخص الى إشعال حريق في المنطقة المحاذية لهذه البقعة من ناحية الجبل أو أي مكان آخر.
2ـ الأحراج الموجودة في بزبينا عصية على الحريق وقد عمل أهالي البلدة للحفاظ عليها على مر التاريخ ولا خوف عليها، الا من هذه الادارة المحلية التي تغطي قاطعي الأشجار والرعاة فيها والتي تسعى جاهدة للحصول مع حلفائها على الرمول والبحص والحطب لأجل الفحم تارة بحجة شق الطرقات في الأحراج لمكافحة الحرائق وتارة لإنشاء منتزه وطني-علما ان كل بزبينا وخاصة منطقة وادي دير مار بولس وبطرس- هي منتزه يقصده الناس من كل بقاع لبنان، وتارة أخرة لبناء سد لمياه الري أثبت عدم جدواه من قبل سفارة الاتحاد الأوروبي في لبنان واليوم بحجة التشحيل؛
3ـ غياب الثقة الكلية في هذه السلطة المحلية المتمثلة ببلدية بزبينا التي كان هدفها الأساس منذ توليها السلطة في العام 2016 هو قطع الأشجار وتحويلها إلى فحم واليوم الاتجار بالحطب خصوصا في ظل الغلاء الفاحش في مادة المازوت عبر القيام يوميا بقطع الأشجار وبوتيرة عالية منذ السنة الماضية وبغطاء من رئيس البلدية نفسه حيث ان أسماء قاطعي الأشجار معروفون لكافة الأجهزة الأمنية ومحميون من قبله عبر علاقاته السياسية والقضائية، علما انه يعمد يوميا الى تغطية مناصريه الذين يقطعون الأشجار ويعد بعضهم بالحطب المنوي تشحيله بطريقة زبائنية، وبخاصة اننا على أبواب انتخابات بلدية قريبة؛
4ـ وبما أن العقارات المزمع إنشاء الخطة المذكورة أعلاه مصنفة غابة محمية بموجب قرار من وزارة الزراعة رقم 591/1 تاريخ 30/12/1996 المستند إلى احكام القانون رقم 558 تاريخ 24 تموز 1996 قانون حماية الغابات الذي يمنع البناء وقطع الأشجار ورعي المواشي والحفر والتخييم ضمن نطاق محدد بمسافة 500 متر عن حدود الأحراج المحمية؛
وبما أنه يمكن الاستفادة من التمويل في اعداد وتنفيذ خطط عملانية أخرى بعيدة كل البعد عن أي عملية لقطع أو تشحيل الأشجار وتحفظ جمال غابات بزبينا؛
وبما أن هذه الخطة ستقوم بتشويه بيئة بلدة بزبينا التي حماها أهلها على مر التاريخ كما ستؤدي إلى حصول نزاعات محلية غير مضمونة النتائج إذ ان الأهالي لن يسمحوا بكل الوسائل المتاحة لأي أحد بأن يمس بطبيعة بلدتنا وان يتم تشويه بقعة من لوحتها الخلابة حيث لم يحدث أي حريق في هذه الجبال ولن يحدث إلا عبر هذه السلطة التي نحملها ونحمل داعميها المسؤولية المباشرة لأي عمل تخريبي من هذا النوع؛
وعليه، جئنا بكتابنا هذا للتعبير عن اعتراضنا الكامل على هذه الخطة وعن أي خطة تهدف الى المساس بجبال بلدتنا لا سيما أن هنالك عدة بدائل يمكن أن تؤدي الى المحافظة على الثروة الحرجية دون المساس بأشجار البلدة لمنافع شخصية تضر بالبيئة وبالإنسان والسلم الأهلي في بزبينا، آملين وقف أي إجراء من هذا القبيل، كما نطالب المعنيين بمحاسبة الأشخاص الذين يعمدون إلى قطع الأشجار في نطاق بلدة بزبينا والمعروفون بالاسم من قبل الأجهزة الأمنية.
برزت مؤخرا، مؤشرات عن تجميد المشروع وإعادة النظر فيه والعودة إلى فتح نقاش مع مختلف فعاليات بزبينا، يتوجس البعض أن يعمد أصحاب السوء إلى افتعال حريق للأحراج بهدف تأليب الناس على من وقف ضد المشروع، ما يستدعي رفع الصوت عاليا دفاعا عن ثروة بيئية لا تقدر بثمن و لا يمكن تعويضها بعشرات السنوات.
إن تركيز برنامج تدهور الأراضي على أعمال القطع /التفريد باسم التشحيل خوفا من الحرائق وتسليط الضوء على الغابات خلق أزمة جديدة محليا-عدا التحدي المرافق لطرحه والمتمثل بقطع الغابات-إذ ان الوعود التي اطلقت من قبل مؤدي المشروع عن الحطب لكل وحدة سكنية على مدى سنة ونصف إلى سنتين في البلدة التي تقدر بـ 700 وحدة سكنية حسبما جاء في الدراسة هو أمر غير منطقي في ظل التغيرات المناخية الحاصلة، بل يأتي من باب الزبائنية الهادفة إلى تمرير المشروع و تنفيذ مجزرة خضراء بكل المقاييس .
إن الإصرار على مشروع ما يسمى بالتشحيل، في ظل تراجع المساحات الخضراء المترافق مع الفلتان الحاصل وانعدام المحاسبة وغياب القانون يطرح حقيقة علامات استفهام حول الجدوى الاقتصادية والبيئية للمشروع عدا ما يقال عن تشغيل اليد العاملة السورية وارضاء السكان المحليين بالمقابل بتوزيع الحطب عليهم، إذ ان القطع الحاصل بدون رخص رسمية فاق التوقعات فكيف إذا حصل البعض على رخص خاصة حيث تتواطأ السلطات المحلية او تغض النظر لدوافع اما انتخابية او نفعية؟
غابات بزبينا هي حقيقة محمية من أهلها كذلك بموجب قرار وزاري، يمكن له أن يتطور ويجعل من الغابة صديقة للناس وللزوار عبر انشاء دروب المشي المؤهلة لذلك بتصنيف المناطق القابلة للمشي فيها للسير والتخييم، أما جعل الحريق بعبعا لتبرير القطع هو جريمة لان الحق يقال أهالي بزبينا، حموا غاباتهم على مر التاريخ حتى في خضم الفوضى والحرب الأهلية، بعكس نهج الإدارة المحلية الحالية التي تعمل جاهدة للوصول إلى عمق الغابات بطلب شق الطرقات او استثمار عقارات تصل إلى 800 الف متر مربع تقريبا لإقامة منتزه بلدي في وقت يوجد فيه أهم متنزهين طبيعيين هما وادي دير مار بولس وبطرس ومنطقة شق شقيق.
أمام هذه التحديات، تعلو أصوات فعاليات بيئية وهيئات محلية تناشد وزارة البيئة التدخل لحماية غابات بزبينا كونها أراضي أميرية وإيجاد الصيغة الملائمة لإدارتها علميا وبيئيا بالتعاون الوثيق مع كافة السلطات المعنية وجعلها محمية طبيعية كاملة الشروط، واستحداث تمديدات لشبكة مياه ومآخذ في نطاقها للمساعدة في الاطفاء في حال حصول حرائق، وتشكيل وتجهيز فرق للرصد والاستجابة السريعة على غرار الفرق التي تنشأ حاليا في كل لبنان لتسهم مع فرق الدفاع المدني في حماية غابات بزبينا وعين يعقوب وممنع وتاشع وبينو وصولا إلى عكار العتيقة وكل منطقة الجومة وفي أي مكان يستدعي التدخل والمساعدة بإطار اتحاد بلدياتها باطار اتحاد بلديات الجومة.