العام الدراسي المقبل يتعثر قبل إنطلاقه: الأموال غير مؤمنة؟
عبد الكافي الصمدهل ينطلق العام الدراسي 2023 ـ 2024 في المدارس والثانويات والمعاهد الفنية الرسمية في موعده المحدد، في 14 أيلول الجاري من خلال فتح أبواب التسجيل، وفي مطلع شهر تشرين الأول المقبل بفتح الصفوف أمام الطلاب والأساتذة، أم أن عراقيل تشبه عراقيل الأعوام السابقة ستظهر وتؤخّر إنطلاق العام الدراسي، كما يأمل كثيرون، وتهدّد مصيره فعلياً؟
لا أجوبة واضحة حتى الآن من قبل وزيري التربية والمالية بعد عن هذه الأسئلة المتراكمة وغيرها حول مصير العام الدراسي المقبل، برغم أنهما معنيين أكثر من سواهما عن مستقبل مئات آلاف الطلّاب والأساتذة، نظراً لأن مستقبل التعليم في لبنان أصبح في خطر فعلي، ولإرتباط العام الدراسي والوضع التربوي ككل بالوضع المالي قبل أيّ إعتبار آخر.
هذه الأسئلة التي بقيت بلا توضيحات وتفسيرات من الجهات المعنية، جعلت تسريبات كثيرة تنتشر خلال الأيام الأخيرة كالنّار في الهشيم في مختلف وسائل الإعلام وعبر منصّات وسائل التواصل الإجتماعي، وفيها أنّ العام الدراسي المقبل سيتم تأجيله وتأخير افتتاحه حتى إشعار آخر، إلى حين إيجاد حلول لمشاكله، وأبرزها عدم توافر الأموال اللازمة لإنطلاقته.
هذه التسريبات دفعت وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي إلى الرد عليها، ونفيها، وبأنّ لا صحّة لها.
لكنّ الرد حمل في مضمونه إشارة غير مباشرة إلى أنّ الأموال اللازمة للعام الدراسي المقبل لم تتأمن بعد، وأنّه ـ أيّ الوزير ـ "يواصل إتصالاته مع المعنيين لتأمين الإعتمادات المالية التي قرّرها مجلس الوزراء لوزارة التربية في الوقت المناسب"، أيّ أنّ الأمر لا يرتقي إلى أكثر من جهود ووعود جرت العادة في أحسن الأحوال أن تتأخر، وفي أغلب الأحيان أن لا ترى النّور وتبقى حبراً على ورق.
الرد على كلام وزير التربية جاءه سريعاً من قبل رابطة التعليم الثانوي في لبنان، التي وضعت شروطاً واضحة لعودتها إلى التدريس، لا يبدو أنّ الحلبي ومعه وزير المالية والحكومة قادرين أو أنهم راغبين في تلبيتها، ما أجهض سريعاً إجتماع وزير التربية مع ممثلي المكاتب التربوية في الأحزاب والتيارات، قبل أيام، بعدما حدّدت الرابطة شروطها كالتالي: تأمين ما وعدنا به وهو دفع 300 دولار شهرياً، بالإضافة إلى 7 رواتب، وبدل نقل يساوي 450 ألف ليرة عن كلّ يوم حضور، وإلّا لن يكون هناك عام دراسي على الأرجح.
يأتي ذلك بينما وزير التربية يصدر دورياً، في الأيّام الأخيرة، قرارات يرفع بموجبها فيها رسوم التسجيل في المعاهد الفنية إلى ما بين 8 ملايين إلى 14 مليون ليرة، حسب المراحل، وفي الجامعة اللبنانية ما بين 12 مليوناً و22 مليوناً حسب مراحل التعليم العالي أيضاً، وهي زيادة تقارب 14 ضعفاً عن ما كانت عليه العام الماضي، علماً أن الحكومة لم تقم برفع الرواتب والأجور إلا 7 أضعاف على الأكثر، وبعد ضغوطات وإضرابات مفتوحة، علماً أن التعليم في لبنان مجاني والعمل ليس كذلك، ومع أن أموالاً طائلة تصل من المانحين في الخارج إلى قطاع التربية لكنها إما تهدر أو تسرق بلا رقيب أو حسيب، إلى أن بات المانحون يضعون شروطاً لتقديم أي مساعدات، تبدأ من الشفافية لتصل إلى دمج الطلاب السوريين النازحين مع الطلاب اللبنانيين في المدارس الرسمية.
ردود الفعل على إحتمال ضياع العام الدراسي على الطلّاب كانت واسعة جداً.
فهناك الشكاوى من مضاعفة المدارس الخاصة أقساطها السنوية لتصبح إما بالدولار، أو مجزأة بين الدولار والليرة اللبنانية.
وهناك المدارس الرسمية شبه المعدومة، أو تكون الأولوية فيها للنّازحين كون الدفع عنهم يتم بالدولار.
والسؤال: أين وزارة التربية من هذه الكارثة التي ستجعل فقراء لبنان (وهم أبناء الطبقة الوسطى سابقاً الذين باتوا يشكلون اليوم 80 في المئة من اللبنانيين)، بلا تعليم؟، ولماذا يتحدث البعض عن ثروة لبنان في النفط والغاز وهي ما تزال في البحر، بينما ثروة لبنان الفعلية هي في العلم وقيمة الإنسان، وإذا زالت هذه الثروة فماذا يبقى من قيمة لبنان؟