هل بدأ باسيل بالنّزول عن الشّجرة؟
02 أيلول 2023

هل بدأ باسيل بالنّزول عن الشّجرة؟

عبد الكافي الصمد    

منذ بدء الفراغ الرئاسي الذي يدخل في الأوّل من شهر أيلول شهره العاشر، وقبله، لم يحد رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل عن موقفه الرافض تبنّي ترشيح رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية لمنصب الرئاسة الأولى، أو السير في هذا التبنّي بناء لرغبة حليفه الأبرز على السّاحة المحلية، ألا وهو حـــــــ ز بــــــ  الـــــلــــــ ه.

أسباب كثيرة قدّمها باسيل لتبرير رفضه وصول الزعيم الزغرتاوي إلى قصر بعبدا، لكنّها لم تقنع حلفاء الأخير ومؤيديه، كما لم تقنع أصوات لا بأس بها داخل القلعة البرتقالية، إنطلاقاً من أن وصول فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، وفق رأيهم، هو أفضل الخيارات المطروحة في ظلّ عدم تمكّن باسيل من الترشّح، برغم رغبته الجامحة في ذلك، وعدم وجود حلفاء يدعمونه في تحقيق طموحه الرئاسي، فضلاً عن إنعدام فرص وظروف إنتخابه.
لم يقف الأمر عند هذا الحدّ، إنّما ذهب باسيل بعيداً في رفضه إنتخاب فرنجية، ما هدّد تفاهم مار مخايل بين الـــــ حــــ زب والتيّار بالإنهيار والسّقوط، بعد تصدّع بارز ظهر فيه، وهو ما صرّح به مراراً، وقد ترجم باسيل هذا التباعد مع الــــــ حـــــ زب وحلفائه بذهابه نحو التقاطع مع المعارضة في دعم إنتخاب وزير المالية السّابق جهاد أزعور، حتى كاد كثيرون يظنّون أنّ باسيل نسف خلفه جميع الجسور التي تربطه بالحزب.
لكنّ سقوط المعارضة، ومعها باسيل، في تحقيق نتيجة مبتغاة، وفي تجييرها أصواتٌ كافية لمصلحة أزعور خلال جلسة 14 حزيران الماضي، وهي الجلسة الـ12 التي عقدها المجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد بلا جدوى، ودخول وسطاء على خطّ الــــــ حـــــ زب ـ التيّار، وتطوّرات وتحوّلات كثيرة طرأت في لبنان والمنطقة، جعلت باسيل يراجع حساباته تدريجياً، بالتزامن مع عودة لقاءاته وحواراته مع قيادات في الــــــ حـــــ زب ، ما أسهم في كسر جبل الجليد الذي ارتفع بين الطرفين خلال الآونة الأخيرة.

عودة المياه إلى مجاريها بين الــــــ حـــــ زب والتيّار أسهمت في ترطيب الأجواء بينهما بعد تشنّج غير مسبوق، رافقها موقف لافت من باسيل بدا وكأنّه تراجع عن موقفه الرافض إنتخاب فرنجية، إذ أعلن أنّه مستعد للإقتراع له في حال تمّت الموافقة على إقرار قانونين في مجلس النواب، هما: أولاً اللامركزية الإدارية، وثانياً الصندوق الإئتماني، ما دفع الــــــ حـــــ زب إلى ملاقاته في "منتصف الطريق" والموافقة على دراسة المشروعين، في خطوة بدت وكأنّها بمثابة سلّم ساعدت باسيل على النزول من شجرة مواقفه العالية.
هذه الموافقة المشروطة أعاد باسيل تكرارها الخميس 31 آب 2023 في حديث صحافي، عندما أكّد أنّه "في حال وصل حـــــــ ز بــــــ  الـــــلــــــ ه وحركة أمل إلى قناعة بإقرار المشروعين المقدّمين، فحينها أوافق على إنتخاب فرنجية"، نافياً في المقابل وضعه شروطاً أخرى، أو سعيه وراء تحصيل مواقع ومناصب محدّدة، مشيراً إلى أنّه "حصلت عليها في السّابق، وكانت نتيجتها عكسية".

هل يعني كلام باسيل أنّ أمر انتخاب فرنجية قد حُسم بعد تأمين إقتراع باسيل وكتلته له؟ في الشكل يبدو أنّ الأمور تسير في هذا الإتجاه، ذلك أنّ موافقة كتلة التيّار البرتقالي على الإقتراع لفرنجية تعني أمرين: الأول تأمين غطاء نيابي مسيحي وازن له؛ والثاني تأمين نصاب إنعقاد الدورة الثانية من جلسة الإنتخاب.

لكنّ ترجمة هذه التسوية على أرض الواقع تحتاج، كما جرت العادة في أيّ إستحقاق رئاسي لبناني سابق، إلى دعم وموافقة خارجية، وهما دعم وموافقة لم يُعلن عنهما بعد، وإنْ كان البعض يرى في تحوّل باسيل، ومعه تحوّل قوى سياسية وكتل نيابية أخرى، ليس جسّ نبض، إنّما إقتراب فعلي من تسوية يبدو أنّها تطبخ على نار هادئة، وهي تنتظر نضوجها والظروف المناسبة للإعلان عنها.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen